259

Hidaya

الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني

Investigator

عبد اللطيف هميم - ماهر ياسين الفحل

Publisher

مؤسسة غراس للنشر والتوزيع

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٥ هـ / ٢٠٠٤ م

Genres

كَفَلْتَ بِهِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بَقَبْضِ الدَّيْنِ (١)، وَقَالَ شَيْخُنا: يَكُونُ إقْرارًا (٢). وَإِذَا ماتَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ فَأَبْرَأَهُ صَاحِبُ الدَّيْنِ وأبى الوَرَثَةُ أنْ يَقْبَلُوا البَرَاءَ ةَ فَقَدْ بَرِئَ الكَفِيلُ والْمَكْفُولُ عَنْهُ.
كِتَابُ الصُّلْحِ في الأَمْوَالِ
الصُّلْحُ عَقْدٌ مَشْرُوعٌ يَصِحُّ مَعَهُ الإقْرَارُ والإنْكَارُ (٣) والسُّكُوتُ عَنْهُمَا، وَهُوَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَضْرُبٍ:
إذَا كَانَ عَلَى الإقْرَارِ مُعَاوَضَةٌ وإبْرَاءٌ وَهِبَةٌ، فَالْمُعَاوَضَةُ: أنْ يَعْتَرِفَ لَهُ بِدَنَانِيْر فَيُصَالِحُهُ مِنْها عَلَى دَرَاهِم فَهَذَا صُلْحٌ بِمَعْنَى الصَّرْفِ فيُعْتَبَرُ فِيهِ مِنَ /١٦١ و/ الأحْكَامِ مَا يُعْتَبَرُ في الصَّرْفِ، أو يعترفَ بالأثْمَانِ فيُصَالِحُهُ مِنْها عَلَى عروضٍ، أو يَعْتَرِفَ لَهُ بِعُرُوضٍ فيُصَالِحُهُ مِنْها عَلَى أَثْمَانٍ أو عرُوضٍ. فَهَذَا صُلْحٌ بِمَعْنَى البَيْعِ فَيَثبُتَ فِيهِ أحْكَامُ البَيْعِ، فإنْ اعْتَرَفَ لَهُ بِدَيْنٍ فَصَالَحَهُ عَلَى غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ، فَهُوَ كَالْبَيْعِ يَجُوزُ بأكْثَرِ مِنَ الدَّيْنِ وأَقَلِّ، وإنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ لَمْ يَجُزْ بأكثَرِ مِنَ الدَّيْنِ فإنْ صَالَحَهُ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ في الذِّمَّةِ لَمْ يَجُز التَّفَرُّقُ قَبْلَ القَبْضِ، فإنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فأمَّا الإبْرَاءُ، فإنَّهُ يَجُوزُ
أنْ يَعْتَرِفَ لَهُ بِمِئَةِ حَالَّةٍ فَيَقُولُ: أبْرَأْتُكَ مِن خَمْسِيْنَ فَأعْطِنِي خَمْسِيْنَ فإنَّهُ يَصِحُّ، فإن قَالَ: أبرأتك من خمسين عَلَى أن تعطيني خمسين لَمْ يصح فإنْ صَالَحَهُ مِنَ الْمِئَةِ عَلَى خَمْسِيْنَ مُؤَجَّلَةٍ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ أصَحُّهُمَا: أنَّهُ لا يَصِحُّ (٤). فإنْ صَالَحَهُ عن مِئَةٍ مُؤَجَّلَةٍ بِخَمْسِيْنَ حَالَّةٍ لَمْ يَصِحَّ وَجْهًا واحِدًا، وأمَّا الْهِبَةُ يَجُوزُ أنْ يَعْتَرِفَ لَهُ بِعَيْن، فَيَقُولُ: وَهَبْتُ لَكَ نِصْفَهَا فأعْطِنِي نِصْفَهَا أو ثَمَنَهُ، فَهَذَا يَفْتَقِرُ إلى شُرُوطِ الْهِبَةِ. ويَصِحُّ الصُّلْحُ عَن الْمَجْهُولِ بِمَعْلُومٍ، ولا يَصِحُّ بِمَجْهُولٍ، وَرَوَى عَنْهُ حَنْبَل (٥): لا يَبْرَأُ مِنَ العَيْبِ إذَا لَمْ يَرَهُ؛ لأنَّهُ مَجْهُولٌ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أنَّ البُرْأَةَ مِنَ الْمَجْهُولِ لاَ تَصِحُّ، وَكَذَلِكَ يَخْرُجُ فِي الصُّلْحِ عَنِ الْمَجْهُولِ وعلى الإِنْكَارِ؛ لأنَّ أكْثَرَ مَا فِيهِ أنْه يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الإبْرَاءِ، وأمَّا الصُّلْحُ عَلَى الإبْرَاءِ

(١) قَالَ في المغني ٥/ ١٠٦: «الأول أصح؛ لأنه يمكن براءته بدون قبض الحق».
(٢) نقله ابن قدامة في المغني ٥/ ١٠٦، وَلَمْ ينسبه للقاضِي.
(٣) قَالَ في الشرح الكبير ٥/ ٣: «وَلَمْ يسم الخرقي الصلح إلا في حال الإنكار». انظر: المختصر: ٧١، وشرح الزَّرْكَشِيّ ٢/ ٥٠٢.
(٤) وهذا مقتضى كلام الخرقي، اختارها الْقَاضِي وابن عقيل. انظر: شرح الزَّرْكَشِيّ ٢/ ٥٠٣.
(٥) والرواية الثانية نقلها الحَسَن بن ثواب وأبو الحارث إن كَانَ عالمًا بالعَيْبِ بريء مِنْهُ.
انظر: الرِّوَايَتَيْنِ والوجهين ٦٦/ب.

1 / 267