بَابُ الشُّرُوطِ الصَّحِيْحَةِ والفَاسِدَةِ في البَيْعِ
الشُّرُوطُ في البَيْعِ تَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ: صَحِيْحٌ، وفَاسِدٌ. فالصَّحِيحُ عَلَى ثَلاثَةِ أضْرُبٍ:
أحَدِهَا: ما هُوَ مِنْ مُقْتَضَى البَيْعِ، كَالبَيْعِ بِشَرْطِ التَّقَابُضِ في الْحَالِ أو شَرْطِ التَصَرُّفِ في الْمَبِيْعِ أو بشَرْطِ سَقْي الثَّمَرَةِ وسُقْيَتَهَا إِلَى الْجَذَاذِ (١).
والثَّانِي: ما هُوَ مَصْلَحَةٌ لِلْعَاقِدِ كَالبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ والرَّهْنِ والَضْمِينِ والتَّأْجِيلِ في الثَّمَنِ.
والثَّالِثِ: ما لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَاهُ ولا مِنْ مَصْلَحَتِهِ، وَلَكِنْ لا يُنافِيْهِمَا مِثْل أنْ يَشْرُطَ البَائِعُ مَنْفَعَةَ الْمَبِيْعِ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَيَبِيْعَ دَارًا ويَسْتَثْنِيَ سُكْنَاهَا شَهْرًا، أو يَبيعَ عَبْدًا ويَسْتَثْنِيَ خِدْمَتَهُ سَنَةً، أو يَشْتَرِطَ الْمُشْتَري مَنْفَعَةَ البَائِعِ مَعَ الْمَبِيْعِ مثل أنْ يَشْتَرِيَ ثَوبًا ويَشْتَرِطَ عَلَى البَائِعِ خِيَاطَتَهُ قَمِيصًا، أو فِلْعَةً، ويَشْتَرِطَ عَلَيْهِ حَذْوَها نَعْلًا أو جُرْزَةَ حَطَبٍ ويَشْتَرِطَ عَلَى البَائِعِ حَمْلهَا. وكلُّ هَذِهِ الشُّرُوطِ يلزمُ الوَفاء بِهَا في ظاهِرِ الْمَذْهَبِ، وذَكَرَ الْخِرَقِي (٢): في بَابِ الأُصُوْلِ والثِّمَارِ في جَزِّ الرَّطْبَةِ إن اشْتَرَطَهُ عَلَى البَائِعِ يَبْطُلُ البَيْعُ، وهذا يُعْطِي أنَّهُ لا يَصِحُّ شَرْطُ مَنْفَعَةِ البَائِعِ فَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وأمَّا الشُّرُوطُ الفَاسِدَةُ فهي مِمَّا لَيْسَتْ مِنْ مَصْلَحَتِهِ وتُنَافِي مُقْتَضَاهُ مثل أنْ يَبِيْعَه بِشَرْطِ أن لا يَهَبَ ولا يَبِيْعَ ولا يَعْتِقَ وإنْ أعْتَقَ فَالوَلاءُ لَهُ، أو يَشْتَري مِنْهُ بِشَرْطِ أنْ لا خَسَارَةَ عَلَيْهِ، أو متى نَفَقَ الْمَبِيْعُ عَلَيْهِ رَدَّهُ، أو متَى غَصَبَهُ إيَّاهُ غَاصِبٌ رَجَعَ بالثَّمَنِ وما أشْبَهَ ذَلِكَ فهذه شُرُوطٌ فاسدة بَاطِلَةٌ في نَفْسِهَا وهل يَبْطُلُ بِهَا عَقْدُ البَيْعِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (٣) إحْدَاهُمَا: /١٣٧ و/ أنها تُبْطِلُهُ وَهِيَ اخْتِيارُ الْخِرَقِي (٤)، والأُخْرَى لا تُبْطِلُهُ (٥)، وكذلك إنْ شَرَطَ في البَيْعِ رَهْنًا فَاسِدًا كأُمِّ الوَلَدِ والْخَمْرِ فَهَلْ يَبْطُلُ البَيْعُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وأمّا إِذَا باعَهُ رَقِيْقًا بِشَرْطِ العِتْقِ فَهُوَ شَرْطٌ صَحِيْحٌ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (٦)، والأُخْرَى إنَّهُ فَاسِدٌ، فإنْ بَاعَهُ بِشَرْطِ البَراءَ ةِ مِن العُيُوبِ، فالشَّرْطُ فَاسِدٌ نصَّ عَلَيْهِ (٧) في رِوَايَةِ أَحْمَدَ ﵀ وعلَّلَ بأنَّهُ مَجْهُولٌ،