Hidaya
الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني
Investigator
عبد اللطيف هميم - ماهر ياسين الفحل
Publisher
مؤسسة غراس للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٢٥ هـ / ٢٠٠٤ م
Genres
يُسَاوُوا بَيْنَ الكُلِّ، وَقَدِ اسْتَعْظَمَ ذَلِكَ في رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بنِ سَعِيْدٍ لَمَّا قِيْلَ لَهُ: يُعْطَى بالسَّوِيَّةِ؟ قَالَ: كيف نُعْطِهِمْ دَانِقٌ وقِيرَاطٌ، ويُسْتَحَبُّ أَنْ يُبْدَأَ بالمُهَاجِرِيْنَ، ويُقَدِّمُ الأَقْرَبَ فَالأَقْرَبَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ ﷺ، فَإِنِ اسْتَوَوا في القُرْبِ قُدِّمَ مَنْ يُنْسَبُ إلى أَصْهَارِ (١) رَسُوْلِ اللهِ ﷺ، ثُمَّ بالأَنْصَارِ، ثُمَّ بِسَائِرِ النَّاسِ، ويُعْطَوْنَ في السَّنَةِ مَرَّةً، فَإِنْ مَاتَ مِنْهُمْ بَعْدَ طُوْلِ وَقْتِ العَطَاءِ دُفِعَ حَقُّهُ إلى ورَثَتِهِ، ومَنْ مَاتَ مِنْ أَجْنَادِ المُسْلِمِيْنَ دُفِعَ إلى زَوْجَتِهِ وأَوْلاَدِهِ الصِّغَارِ قَدَرَ كِفَايَتِهِمْ، فَإِذَا بَلَغُوا ذُكُوْرَ أَوْلاَدِهِ واخْتَارُوا أَنْ يَكُوْنُوا مِنَ المُقَاتَلَةِ فُرِضَ لَهُمْ، وإنْ لَمْ يَخْتَارُوا تُرِكُوا. ومَنْ خَرَجَ عَن المُقَاتَلَةِ سَقَطَ حَقُّهُ.
بَابُ عَقْدِ الهُدْنَةِ
إِذَا رَأَى الإِمَامُ أو نَائِبُهُ المَصْلَحَةَ في عَقْدِ الهُدْنَةِ جَازَ لَهُ عَقْدُهَا؛ وذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَكُوْنَ بِهِ ضَعْفٌ أو يَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ في غَزْوِهِمْ لِبُعْدِهِمْ أو خَشِيَّةً مِنْ ضَيَاعِ أُمُورِ الرَّعِيَّةِ أَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ ﵀ في رِوَايَةِ أَحْمَدَ بنِ سَعِيْدٍ، وَقَدْ سُئِلَ: هَلْ يَجُوْزُ المُوَادَعَةُ اليَوْمَ؟ فَقَالَ: إذَا كَانَ عِنْدَ الحَاجَةِ: فَاشْتَرَطَ (في الجَوَازِ) (٢) / ١٢٣ و/ الحَاجَةَ، وَقَالَ شَيْخُنَا: تَجُوزُ المُهَادَنَةُ، وإِنْ كَانَ قَوِيًّا مُسْتَظْهَرًا، وتَجُوزُ مُهَادَنَةُ أَهْلِ الحَرْبِ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِيْنَ في ظَاهِرِ كَلاَمِهِ في رِوَايَةِ حَرْبٍ، ورُوِيَ عَنْهُ: أنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ سِنِيْنَ، وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ (٣)، فَعَلَى هَذِهِ: إِنْ عَقَدَ الهُدْنَةَ عَلَى مَا زَادَ عَلَى عَشْرِ سِنِيْنَ بَطَلَ في الزِّيَادَةِ، وهَلْ تَبْطُلُ في العَشْرَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى تَفْرِيْقِ الصَّفْقَةِ، فَإِنْ هَادَنَهُمْ مُطْلَقًا بَطَلَتِ الهُدْنَةُ، وإِنْ شَرَطَ فِي عَقْدِ الهُدْنَةِ شُرُوطًا فَاسِدَةً مِثْلُ: أَنْ يَشْتَرِطَ نَقْضهَا مَتَى شَاءَ، أَو أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ مَنْ جَاءهُ مِنَ النِّسَاءِ مُسْلِمَةً، أو يَرُدَّ مَهْرَهَا، أو يَرُدَّ سِلاَحَهُمْ، أَو يُدْخِلَهُمُ الحَرَمَ، فالشَّرْطُ باطِلٌ. وهَلْ يَبْطُلُ عَقْدَ الهُدْنَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ بِنَاءً عَلَى الشُّرُوطِ الفَاسِدَةِ في البَيْعِ، وكَذَلِكَ الحُكْمُ إِذَا شَرطَ في عَقْدِ الذِّمَّةِ شَرْطًا فَاسِدًا نَحْوُ: أَنْ يَشْتَرِطَ لَهُمْ أَنْ لاَ تَجْرِيَ أَحْكَامُنَا عَلَيْهِمْ ومَا أَشْبَهَهُ، فَإِنْ شَرَطَ أن يَرُدَّ مَنْ جَاءهُ مِنَ الرِّجَالِ مُسْلِمًا لَزِمَهُ الوَفَاءُ بِذَلِكَ، بِمَعْنَى أنَّهُ لاَ يَمْنَعَهُمْ مِنْ أَخْذِهِ، ولاَ يُجْبِرُهُمْ عَلَى المُضِيِّ، ولَهُ أَنْ يَأْمُرَهُ سِرًّا بَأَنْ يفَرَ مِنْهُمْ أو يُقَاتِلَهُمْ، ولاَ يَرْجِعُ مَعَهُمْ، فَإِنْ جَاءَنَا صَبِيٌّ يَعْقِلُ الإِسْلاَمَ لَمْ نَرُدَّهُ إِلَيْهِمْ، ويَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ الإِمَامُ للرَّسُولِ والمُسْتَأْمِنِ وَكَمْ يَجُوزُ أنْ يُقِيْمَ في دَارِنَا بِغَيْرِ جِزْيَةٍ؟ قَالَ أَصْحَابُنَا: يُقِيْمُ مُدَّةَ الهُدْنَةِ، وعِنْدِي: لاَ يَجُوزُ أَنْ يُقِيْمَ سَنَةً فَصَاعِدًا إلاَّ
(١) جمع صهر: وهم أهل بيت المرأة، يقال: صاهرت إليهم، إذا تزوجت فيهم. انظر: الصحاح ٢/ ٧١٧ ولسان العرب ٤/ ٤٧١ (صهر). (٢) ما بين القوسين تكررت في الأصل. (٣) انظر: المغني ١٠/ ٥١٨، والمحرر ٢/ ١٨٢.
1 / 221