158

Al-Ḥāwī liʾl-fatāwī

الحاوي للفتاوي

Publisher

دار الفكر

Edition Number

الأولى

Publication Year

1424 AH

Publisher Location

بيروت

- هَذَا نَصُّهُ فِي الْكِتَابَيْنِ، زَادَ فِي الْأُمِّ: وَلَوْ أَحْدَثَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا بِنَاءً قِيلَ لَهُ حَوِّلْ بِنَاءَكَ وَلَا قِيمَةَ لَهُ فِيمَا أَحْدَثَ بِتَحْوِيلِهِ.
وَقَالَ ابن الرفعة فِي الْكِفَايَةِ: الْحَرَائِمُ هِيَ الْمَوَاضِعُ الْقَرِيبَةُ الَّتِي يُحْتَاجُ إِلَيْهَا لِتَمَامِ الِانْتِفَاعِ بِهَا، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهَا بِنَوْعِ عُدْوَانٍ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُحْيَا، وَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ عَنِ الرافعي والنووي، ثُمَّ قَالَ: وَحَمَلَ الْأَصْحَابُ قَوْلَهُ ﷺ: " «حَرِيمُ الْبِئْرِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا» " عَلَى آبَارِ الْحِجَازِ فَإِنَّهَا تَكُونُ عَمِيقَةً تَحْتَاجُ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَمُرُّ فِيهَا الثَّوْرُ إِلَى ذَلِكَ الْمِقْدَارِ، وَحَرِيمُ النَّهْرِ مَلْقَى النَّهْرِ لِلطِّينِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهُ مِنَ التِّقْنِ - وَهُوَ رُسَابَةُ الْمَاءِ - وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي التَّهْذِيبِ: مِنْ حَرِيمِ النَّهْرِ مَلْقَى الطِّينِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهُ.
وَقَالَ الخوارزمي فِي الْكَافِي: حَرِيمُ النَّهْرِ مَا يُلْقَى فِيهِ الطِّينُ عِنْدَ الْحَفْرِ، وَقَالَ السبكي فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " «حَرِيمُ الْبِئْرِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا مِنْ جَوَانِبِهَا كُلِّهَا» " وَعَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ: حَرِيمُ الْبِئْرِ الْبَدْئِيِّ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا مِنْ نَوَاحِيهَا كُلِّهَا، وَحَرِيمُ الْعَادِيِّ خَمْسُونَ ذِرَاعًا مِنْ نَوَاحِيهَا كُلِّهَا، وَحَرِيمُ بِئْرِ الزَّرْعِ ثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ نَوَاحِيهَا كُلِّهَا، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَسَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ: حَرِيمُ الْعُيُونِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: حَرِيمُ الْبِئْرِ خَمْسُونَ ذِرَاعًا، وَحَرِيمُ الْعَيْنِ مِائَتَا ذِرَاعٍ، ثُمَّ قَالَ السبكي: وَالشَّافِعِيُّ لَمْ يَرَ التَّحْدِيدَ وَحَمَلَ اخْتِلَافَ الرِّوَايَاتِ عَلَى الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ، وَبِهَذَا يُقَاسُ حَرِيمُ النَّهْرِ قَالَ: وَمِنْ حَرِيمِ النَّهْرِ مَلْقَى طِينِهِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهُ مِمَّا يُحْتَاجُ إِلَى إِلْقَائِهِ عِنْدَ حَفْرِهِ، قَالَ: وَفِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَمَلْقَى تِقْنِهِ وَهُوَ مَا يُنَحَّى مَعَ الْمَاءِ وَسُمِّيَ الرُّسَابَةَ، وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: " «مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فَلَهُ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا عَطَنًا لِمَاشِيَتِهِ» "، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " «حَرِيمُ الْبِئْرِ مَدُّ رِشَائِهَا» "، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " «حَرِيمُ النَّخْلَةِ مَدُّ جَرِّ يَدِهَا» " قَالَ القاضي أبو الطيب، وابن الصباغ: إِذَا أَحْيَا أَرْضًا لِيَغْرِسَ فِيهَا، وَغَرَسَ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَغْرِسَ بِجِوَارِهِ بِحَيْثُ تَلْتَفُّ أَغْصَانُ الْغِرَاسِ وَبِحَيْثُ تَلْتَقِي عُرُوقُهَا، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: حَرِيمُ الْأَرْضِ الْمُحْيَاةِ لِلزِّرَاعَةِ طُرُقُهَا وَمُفِيضُ مَائِهَا وَبَيْدَرُ زَرْعِهَا وَمَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ مِنْ مَرَافِقِهَا. انْتَهَى مَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ للسبكي فِي ضَبْطِ الْحَرِيمِ.
وَقَالَ الغزي فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ:
مَسْأَلَةٌ: لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَبْنِيَ سَكْرًا فِي النَّهْرِ الْعَامِّ الْكَبِيرِ الَّذِي لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ؛

1 / 161