بسم الله الرحمن الرحيم

وبه ثقتي(1)

يا خارجا عن دين آل محمد

بدخوله دين المجوس الخرمد

أي بدخوله دين الباطنية؛ لأن أصل دينهم المجوسية على ما يأتي إن شاء الله تعالى، والخرمد أصله: الخرمدين(2) وهي(3): لفظة عجمية عبارة عما يستلذ ويشتهى فصار علما للباطنية؛ لأن مذهبهم راجع إلى رفع التكليف، واتباع الشهوات مما حرم الله تعالى، وقد كان من قبل لقبا وعلما للمجوس الذين ظهروا في أيام قياد، وأباحوا النساء وكل حرام، فلقب به الباطنية، وجعل علما لهم لمشاركتهم للمجوس المذكورين في ذلك، وإنما قلنا: الخرمد وأصله الخرمديني لجواز ذلك في الأعلام العجمية كما جاز أرسطا في أرسطاطليس(4) ، وكما جاز نمرد في نمرود وغير ذلك، لأن العرب يقولون: [أعجمي فالغيت به ما شئت.

Page 1

ومعمدا لمهدم الأرجاء

نسج العناكب باطل أن يعمد

ومعمدا: عطف على خارجا عن دين آل محمد، المنادى، والأرجاء: الجوانب، والعناكب جمع عنكبوت، ونسجها في غاية الضعف كما وصف الله تعالى في قوله: {وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت}، فبطلانه إذا جعل له عمود معلوم فاستعير لمذهب الباطنية من الصوفية لبطلانه](1).

Page 2

أبنظم مقهور لديك ومكره ... عود لعود محرق ومرمد المقهور المذكور في البيت هو: محمد(1) بن عبد الله بن الإمام شرف الدين، أمره سنان(2) أن يذب عن مذهب الصوفية الحلولية الإباحية بقصيدة له ويجيب بها(3) على (الكامل المتدارك في بيان مذهب المتصوف الهالك) قصيدة فيها بيان مذهبهم وحذرنا المسلمين منه، فشبهنا الصوفية ومذهبهم بالعود المحرق المصير رمادا، ورجوع ما كان كذلك عودا محال؛ لأن أهل الحق قد عرفوا مذهبهم وتجنبوه.

ونظامه لو أنني خليت لم ... أك حافلا وجه لعذر مهمد

الحافل: المحتشد المجد المبالي.

قال في (الصحاح) (4): حفل القوم واحتفلوا: اجتمعوا واحتشدوا.

Page 3

وقال فيه حفلت السماء: جد وقعها، وقال: وحفلت بكذا أي باليت به، والمهمد: المسكن [مأخوذ](1)من همدت النار إذا طفيت، فالمعنى انه همد هذا الظالم أي سكته بهذه القصيدة، وإن كانت مخالطته للصوفية وتلبسه بهم وحضوره معهم يقضي بخلاف ذلك. والله أعلم؛ لأنه قال في قصيدته ما لفظه:

ولو أنني خليت لم أك حافلا

بجواب نظم للمراء مجرد

والناس تعلم ما التعرض شيمتي

كلا ولا طبعي له بمعود(2)

لكن أجبتك طاعة إذ حثني

لجوابها أمر الأمير الأمجد

فاسمع عجالة راكب وجواب مي

دان ضعيف قلته لم يحصد

طوع الأمير سنان من أربى على

أمراء سلطان الأنام محمد

ولهذه الأبيات قلنا: أنه مكره

لولا تدبر خبطه وجزافه ... مهما يذب من آجنات يجمد

شبه قوله بالمياه الآجنة، وهي: المتغيرة الخبيثة، فتارة يذيبها أي ينطلق فيها، وتارة يجمدها كأنه يرجع عنها؛ لأنه ذب عن الصوفية وخلى عن الحلولية.

وعن أهل جبل أسلم ووضره، وتارة قال: إن اللهو من الرسول شائع.

ثم قال بعد ذلك: إنه مكروه، ثم قال: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سد مسامعه.

قال في قصيدته:

ولقد قدحت على جميع القوم من

بالرقص طورا والحلول وتارة

وأولوا الحلول والاتحاد سواهم

أهل الطريقة قائلون بكفرهم ... أهل التصوف والطريق الأقصد

بالاتحاد رميت رمي تعمد

لايستوي هاو وهاد مرشد

طالع دفاتر علمهم وتفقد

قلت وبالله التوفيق:

Page 4

هذه [هي ](1) الطريقة المعروفة عند الباطنية وهو أنهم يقولون: إذا عيب عليهم شيء من مذهبهم ذلك مذهب الباطنية

وهم غيرنا، وقد رد عليه من حشا على قصيدته من أهل المعرفة فقال: قد طالعنا وتفقدنا (تائية ابن الفارض)(2)، (وديوان الحكاك)، و(مصنفات ابن عربي) (3)، فما انقضى عجبنا مما رأينا، ولو كنا نسمع ما صدقنا، ولقد أغنى جدك الإمام شرف الدين(4) عليه السلام ما ذكره في (شرح خطبة الأثمار) (5) مما يستغرق مجلدا أو مجلدات، وما برهن فيه من الحجج الصحيحة -قدس الله روحه-.

Page 5