350

Ḥāshiyat al-Tartīb li-Abī Sitta

حاشية الترتيب لأبي ستة

وقال ابن أبي حمزة: أجابت الملائكة بالخبر مما سئلوا عنه لأنهم علموا أنه سؤال يستدعي التعطف على ابن آدم فزادوا في موجب ذلك، قلت: وقع في صحيح ابن خزيمة من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة في آخر هذا الحديث (فاغفر لهم يوم الدين).

قال: ويستفاد منه أن الصلاة أعلى العبادات لأنه عنها وقع السؤال والجواب، وفيه الإشارة إلى أعظم هاتين الصلاتين لكونهما تجتمع فيهما الطائفتان وفي غيرهما طائفة واحدة، والإشارة إلى شرف الوقتين المذكورين، وقد ورد أن الرزق يقسم بعد بعد صلاة الصبح، وأن الأعمال ترتفع آخر النهار فمن كان حينئذ في طاعة بورك في رزقه وفي عمله والله أعلم، ويترتب عليه حكمة الأمر بالمحافظة عليهما والاهتمام بهما، وفيه تشريف هذه الأمة على غيرها، ويستلزم تشريف نبيها صلى الله عليه وسلم على غيره، وفيه الإخبار بالغيوب ويترتب عليها زيادة الإيمان، وفيه الإخبار بما نحن فيه من ضبط أحوالنا حتى نتيقظ ونتحفظ في الأوامر والنواهي ونفرح في هذه الأوقات بقدوم رسل ربنا وسؤال ربنا عنا، وفيه إعلامنا بحب ملائكة الله لنا لنزداد فيهم حبا وتقربا إلى الله بذلك، وفيه كلام الله تعالى مع ملائكته وغير ذلك من الفوائد، والله أعلم انتهى.

قوله: (لا يزال أحدكم في الصلاة) أي في ثواب الصلاة لا في حكمها لأنه يحل له الكلام وغيره مما منع في الصلاة كما قاله ابن حجر.

قوله: (لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة) قال ابن حجر: يقتضي أنه إذا صرف نيته عن ذلك صارف انقطع عنه الثواب المذكور، وكذا إذا شارك نية الانتظار أمر آخر.

وهل يحصل ذلك لمن نيته إيقاع الصلاة في المسجد ولو لم يكن فيه؟ الظاهر خلافه لأنه رتب الثواب المذكور على المجموع من النية وشغل البقعة بالعباد له ثواب يخصه إلخ، يعني كما ورد في قوله عليه السلام: (سبعة يظلهم الله ... إلى أن قال: ورجل متعلق قلبه إلى المسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه)، والله أعلم.

Page 25