340

Ḥāshiyat al-Tartīb li-Abī Sitta

حاشية الترتيب لأبي ستة

وليس خشوع الجسم يوما بنافع ... إذا غاب قلب في شعاب التدبر أقول: أما سكون الجوارح فلا بد منه من أول الصلاة إلى آخرها لأن ذلك مقدور للإنسان، وأما حضور القلب من زوالها إلى آخرها فليس بلازم، لأن ذلك غير مقدور لغير المعصوم، قال الشيخ أبو نصر أيضا:

ولن يستطع العبد دفع خواطر ... فكيف بأصحاب العلائق والخشر

قال في القناطر بعد كلام طويل على الخشوع: والحق الرجوع إلى أدلة الشرع والأخبار والآيات ظاهرة في هذا الشرط، إلا أن مقام الفتوى في التكلف الظاهر يتقيد بقدر قصور الخلق، فلا يمكن أن يشترط على الناس إحضار القلب في جميع الصلاة فإن ذلك يعجز عنه كل البشر إلا الخاشعين المخلصين وقليل ما هم، وإذا لم يمكن اشتراط جميع ذلك في الصلاة بضرورة العجز فلا بد أن يشترط منه ما ينطلق عليه الاسم ولو في اللحظة الواحدة وأولى اللحظة تكبيرة الإحرام، فاقتصر الشرع في التكليف على ذلك، إلى أن قال بعد كلام: ومع هذا فلا مطمع في مخالفة الفقهاء في ما اتفقوا عليه من الصحة مع الغفلة فإن ذلك ضرورة الفتوى كما سبق التنبيه عليه، إلى أن قال: وحاصل الكلام أن خضوع القلب هو روح الصلاة، وأن أقل ما بقي به رمق الروح الحضور عند تكبيرة الإحرام والنقصان منه هلاك، فبقدر الزيادة ينبسط الروح في أجزاء الصلاة، وكم من حي لا حراك به قريب من ميت، فصلا الغافل في جميعها إلا عند التكبير لأنه لا حركة به، انتهى.

وقال ابن حجر: وقد حكى النووي الإجماع على أن الخشوع ليس بواجب، ولا يرد قول القاضي حسين أن مدافعة الأخبثين إذا انتهت إلى حد يذهب معه الخشوع أبطلت الصلاة، وقاله أيضا أبو زيد المروزي لجواز أن يكون بعد الإجماع السابق والمراد بالإجماع أنه لم يصرح أحد بوجوبه وكلامهم في أمر يحصل من مجموع المدافعة وترك الخشوع، وفيه تعقب على من نسب إلى القاضي وأبي زيد أنهما قالا: إن الخشوع شرط في صحة الصلاة، وقد حكاه المحب الطبري وقال: هو محمول على أن يحصل في الصلاة في الجملة لا في جميعها، والخلاف في ذلك عند الحنابلة أيضا.

Page 15