216

============================================================

فالأول: بعد (أن) المصدرية في كل موضع أريد فيه تعليل فعل بفعل؛ كقولهم: (أما أنت منطلقا انطلقت)، أصله: انطلقت لأن كنت منطلقا، فقدمت اللام وما بعدها على الفعل؛ للاهتمام به أو لقصد الاختصاص؛ فصار لأن كنت منطلقا لتأكيد أن الشرطية، ولا نافية للفعل المقدر، ولا ومنفيها هو الشرط، فإما أداة شرط مؤكدة بما نظيرها إما في قوله تعالى: فإما ترين} (مريم: 26) والشرط المقدر محذوف الجواب لدلالة ما سبق عليه نظير ذلك في التقدير قوله: فطلقها فلست لها بكفو وإلا يعلو مفرقك الحسام والأصل أفعل هذا إن لا تفعل غيره. قال في شفاء الصدور: وهذا معنى واضح لا غبار عليه، فعليك بالحق وإن أفتاك الناس وأفتوك (قوله بعد أن) ويقل بدونها كقوله: ازمان قومي والجماعة كالذي لزم الرحالة أن تميل مميلا أراد أزمان كان قومي مع الجماعة كالذي فحذف كان وأبقي ما سواها(1) (قوله المصدرية) الواقعة موقع المفعول لأجله (قوله أما أنت منطلقا انطلقت) فانطلقت معمول وما قبله علة له (قوله أصله إلخ) قال اللقاني : فيه دعوى تكلف بلا دليل؛ لإمكان أن يدعى أن أما نائبة عن اسم الشرط وفعله والأصل مهما تذكر منطلقا انطلقت، فلما حذف فعل الشرط أي: تذكر وحده انفصل الضمير ومنطلقا حال لا خبر كان، وهذا نظير ما جوزوه في إما عالما فزيد عالم أي: مهما تذكر شخصا حال كونه عالما أي: مذكورا بالعلم فزيد عالم. ويدل على ما ذكرنا مجيء الفاء بعد المنصوب نحو: فإن قومي لم تأكلهم الضبع؛ فإنه مناف لما قرر فتأمل انتهى(4). وفيه كما قال الدنوشري: إن قولهم: إما أنت منطلقا انطلقت، يرد ما زعمه؛ لأن إما هذه تلزمها الفاء ولا فاء. وعجيب أنه يتبجح بما قال وزعم أنه أقل تكلفا مما قالوه وهذا في بعض المواضع مما فيه فاء فليفهم (قوله اللام) أي: التعليلية (قوله للاهتمام به) أو لقصد (1) هذا التعبير يتمشى على القول بنقصانها وهو الصحيح وعلى القول بتمامها. مته.

(2) قيل: إن الفاء إذا دخلت فإنما هي لشبه الثاني بالجزاء والأول بالشرط لما بينهما من السببية والمسبية. نه.

27

Page 271