53

Ḥāshiyat Ibn Ḥajar al-Haytamī ʿalā al-Īḍāḥ fī manāsik al-ḥajj

حاشية ابن حجر الهيتمي على الإيضاح في مناسك الحج

Publisher

المكتبة السلفية ودار الحديث

Publisher Location

بيروت

وَالترفه التبسطَ فى ألوانِ الأَطْعِمَةِ، فإنَّ الحاجَّ أَشْعثُ أَغْبَرُ. ويَنْبَغِى أَن يَستَعمِلَ الرَّفْقَ وحُسْن الْخُلقِ مع الْغُلامِ وَالْجَمَّالِ وَالرَّفِيقِ وَالسَّائِلِ وغيرِهِمْ، وَيَتَجَنَّبَ الْمُخاصَّمةَ وَالمخَشَنَّةَ ومُزَاحَمةَ النَّاسِ في الطريقِ ومَواردِ


(قوله والترفه) والتنعم هنا كالزينة والتبسط ألفاظ معانيها متقاربة أخذاً من القاموس وغيره (قوله والتبسط فى ألوان الأطعمة) محله كما هو ظاهر وعليه يدل سياقه فيما إذا كان يفعل ذلك لنفسه بلا عذر أما لغيره أو لعذر فلا بأس به بل قد يتأكد فى حق ضيف ونحوه ولا يبعد كراهة نحو الترفه له بعد الإحرام نظير الصائم (قوله ويتجنب المخاصمة الخ) هذا لا يختص بالحاج وإنما المراد أن تركه يتأكد للحاج أكثر من غيره. نظير ما قالوه فى الصائم وكالحاج فى ذلك كل مسافر لعبادة. وقوله إذا أمكنه ذلك يحترز به عما يقع فى ركب الحجيج من وقوع المزاحمة فى الطرق وعلى الماء حتى يؤدى إلى تلف الأنفس والأموال، وحينئذ فالذى يظهر أن يقال إن زحمه أحد باختياره بأن كان يمكنه الترفع عنه أو الوقوف حتى يمر ولم يخش انقطاعاً ونجوه فلم يفعل كان له حكم الصائل فيدفعه بالأخف فالأخف ما لم يتعين الأعلى طريقاً فى الدفع وإن زحمه لا باختياره كأن زحم الآخر أيضاً فتارة يمكنه دفع مزاحمته فيترك فيكون كالصائل أيضاً لتقصيره بترك دفعه مع سهولته عليه وتارة لا يمكنه فهذا مما يتردد النظر فيه فيحتمل أن يقال هو كالمكره على الجناية فإن خشى الأول فوات نحو نفسه فله دفع الثانى ومزاحمته وهكذا مطلقاً أو فوات ماله فإن كان الثانى يخشى على نفسه لم يجز دفعه بل يجب على الأول وقاية نفسه بماله لأن حرمة النفس آكد وإن كان يخشى على ما له فللأول دفعه بقيده الآتى ولا يخفى حكم الثالث والرابع وهكذا مما ذكر. ولو زحم وحده أو مع دابته بحيث لم يبق له فعل وصارت حركته اضطرارية ففى جواز دفعه حينئذ نظر. وظاهر كلامهم فى باب الصيال جوازه ولو أمكنه الوقوف حتى تنقضى المزاحمة وجب عليه فإن خشى منه فوات النفس جاز له المزاحمة أو فوات المال امتنعت أو خشى فوات نفس الغير فإن خشى فوات ماله فقد تعارض تلف ماله ومال غيره فإن كان أحد المالين قناً ثم حيواناً محترماً قدم وإلا فإن كان أحد الحوفين مظنوناً والآخر متيقناً فظاهر تقديم المتيقن وإن استويا فيه نظر ولا يبعد احترام مال الغير، وكذا يقال لو تعارض تلف نفسه ونفس غيره. ويفرق بين هذا وما مر فيمن لم يبق له فعل بأن نفس الغير المتلفة هنا لم يخش منها إتلاف وإنما الخشية من غيرها إذ الفرض أنه لو وقف قتل ولو زحم قتل غيره، هذا ما يظهر الآن وقد يفتح الله برؤية نقل فى المسئلة يكشف عنها القناع فإنى لم أر أحداً حام حولها

53