Ḥāshiyat Ibn Ḥajar al-Haytamī ʿalā al-Īḍāḥ fī manāsik al-ḥajj
حاشية ابن حجر الهيتمي على الإيضاح في مناسك الحج
Publisher
المكتبة السلفية ودار الحديث
Publisher Location
بيروت
Genres
وَكَانتْ رَاحْلتُهُ زَامِلَتَهُ. وَيُستَحَبُّ الحج عَلَى الرَّحْلِ وَالسَّيْرُ دُونَ الْمَحَامِلِ وَالْهَوَادِجِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ منَ الحَديثِ الصحيح ولأنَّهُ أَشْبَه بالتَّواضع ولا يَليق بالحَاجِّ غَيْر التَّواضع فى جَمِيعِ هَيَآَتِهِ وَأَحْوَالِهِ فى جميع سفره وَسَوَاءٍ فِيما ذَكَرَ: الرُّكُوبُ إِلَى يَشْتَرِيهِ أَوْ يَسْتَأْجِرُهُ.
حديث سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبى خالد الذى رواه عنه ابن مرزوق وقاله ابن مسدى هذا حديث حسن غريب ومن ثم رواه الحاكم من الوجه الذى رواه البيهقى وصحة إسناده كما مر وممن قال بقضية هذا الحديث الحسن البصرى وغيره وارتضاه المحب الطبرى وغيره ومع ذلك فهو لا يقتضى أفضلية المشى لأن ثواب الاتباع يربو على ذلك أما من قول السبكى إن صلاة الظهر فى يوم النحر أفضل منها بالمسجد وإن قلنا إن المضاعفة تختص به لأن فى الاقتداء بأفعاله صلى الله عليه وسلم ما يربو على المضاعفة انتهى. ومحل الخلاف فيما يظهر فيمن استوى خشوعه وحضوره فى حال مشيه وركوبه ولم يطلب منه الركوب لظهوره لاستفتاء ونحوه وإلا تعين الجزم أن الركوب أفضل والعمرة كالحج فيما ذكره كما هو ظاهر بل لا يبعد أن يلحق بهما فى ذلك كل عبادة احتيج إلى السفر لها لا يقال ركوبه صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون تخفيفاً على أمته إذ لو مشى لمشى من معه وفيهم الضعيف والعاجز وأن يكون ليظهر فيستفتى لأنا نقول لو كان لذلك لم يتركه دائماً بل فى أكثر أحواله فلما لزم الركوب فى جميع حجه ولم يصح عنه مشى فيه لا قليل ولا كثير علمنا أن ذلك الأفضلية الركوب المستلزم لتوفر الخشوع والاستعانة على استيفاء الأذكار وغيرها لما ذكر. وأما تصحيح الحاكم خبر أبى سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنه حج النبى صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه مشاة من المدينة إلى مكة فهو مردود عليه إذ لم يحج صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة إلا حجة الوداع وكان راكبا فيها بلا شك (قوله وكانت راحلته زاملته) أى لم يكن معه صلى الله عليه وسلم راحلة. أخرى لحمل متاعه وطعامه بل كانا معه عليها فالزاملة بعير يحمل عليه المتاع من الزمل وهو الحمل ويؤخذ من ذلك أن الحج على الزاملة أفضل منه على غيرها لأنه الأليق بالتواضع (قوله ويستحب الحج على الرحل الخ) هو ظاهر فى أن محل أفضلية الركوب على المشى حيث كان على الرحل ويلحق به غيره إن شق عليه ويؤيد ذلك تعليلهم الأفضلية بالاتباع قبل وصرح به فى المجموع واعترض بأنه لم یر فیه وقد يقال الركوب على أى كيفية كان أفضل لوجود الاتباع فيه من حيث كونه ركوبا
34