401

Ḥāshiyat Muḥyī al-Dīn-zāda ʿalā tafsīr al-Qāḍī al-Bayḍāwī

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Genres

الموضع موضع «إذا» التي تفيد الثبوت والتحقق إلا أنه ذكر كلمة «إن» لوجهين: الأول التهكم والاستهزاء بهم فإنه لا شك أن إبرازه تعالى نفسه في صورة من يشك في عجزهم عن المعارضة ويجوز قدرتهم عليها استهزاء بليغ بهم. قوله: (ولذلك) أي ولعدم كونه تعالى شاكا في عجزهم عن الإتيان بمثل القرآن نفي عز وجل إتيانهم به بقوله: ولن تفعلوا معترضا بين الشرط والجزاء فإنه جملة معترضة بين قوله: فإن لم تفعلوا وبين جوابه وهو قوله: فاتقوا النار فلا محل لها من الإعراب لعدم وقوعها موقع ما يستحق الإعراب من المفردات، والواو الداخلة عليها تسمى واوا اعتراضية ليست حالية ولا عاطفة. وفائدة الاعتراض الإخبار عن الغيب على ما هو به فإن عدم إتيانهم بذلك البتة غيب لا يعلمه إلا الله تعالى. قوله: (أو خطابا معهم على حسب ظنهم) عطف على قوله: «تهكما بهم» يعني أنه صدر الكلام بما يدل على شك المتكلم مع ظهور استحالته في حقه تعالى سوقا للكلام معهم على حسب ظنهم الفاسد، فإن عجزهم عن المعارضة لم يكن محققا عندهم قبل تأملهم وامتحانهم أنفسهم بل كانوا يزعمون أنهم قادرون عليها لاعتمادهم على فصاحتهم واقتدارهم على أفانين الكلام. ولهذا كانوا يقولون: لو نشاء لقلنا مثل هذا فكان عجزهم عن المعارضة كالشيء المشكوك فيه عندهم بالنظر إلى ظاهر حالهم، فأوردت كلمة الشك خطابا معهم على حسب ظاهر حالهم وهو في الشك العجز بل ظن الاقتدار على المعارضة. قوله: (وتفعلوا جزم بلم) جواب عما يقال: إن كلمتي «إن» و «لم» من جوازم الفعل المضارع وقد اجتمعتا على معمول واحد، وقد تقرر امتناع توارد عاملين مستقلين على معمول واحد لاستلزامه كون الشيء الواحد بالنسبة إلى حكم واحد محتاجا إليه ومستغنى عنه معا. وتقرير الجواب أن العامل فيه إنما هو كلمة «لم» وكلمة «إن» غير عاملة لفظا واستدل على رجحان الأول على الثاني بوجهين: الأول أن «لم» مختصة بوجوه كل واحد منها يرجح أعمال «لم» على أعمال «إن» وقد اجتمعت تلك الوجوه في «لم» فتعين كون العمل لها دون «إن». الوجه الأول من تلك الوجوه أن «لم» واجبة الإعمال حيث لا يتخلف الجزم عنها بخلاف «إن» فإنها قد تدخل على الماضي فلا تعمل حينئذ. والوجه الثاني أن «لم» مختصة بالمضارع ولا تدخل على الماضي أبدا من حيث إن وضعها لقلب المضارع ماضينا فتختص به ضرورة، ولا شك أن اختصاص العامل بما يظهر فيه العمل له زيادة تأثير في العمل. والوجه الثالث منها أنها واجبة الاتصال بمعمولها بخلاف «إن» فإنه لا يجب اتصالها بمعمولها كما في قوله تعالى: وإن أحد من المشركين استجارك فأجره [التوبة: 6] ولا شك أن قرب العامل من معموله مما يرجح العمل. والدليل الثاني مما يدل على رجحان «لم» في العمل على إعمال «إن» أن كلمة

Page 407