Ḥāshiyat Muḥyī al-Dīn-zāda ʿalā tafsīr al-Qāḍī al-Bayḍāwī
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
والمعنى وادعوا إلى المعارضة من حضركم أو رجوتم معونته من إنسكم وجنكم وآلهتكم غير الله سبحانه وتعالى فإنه لا يقدر على أن يأتي بمثله إلا الله. أو وادعوا من دون الله شهداء يعارض به القرآن ويماثله متجاوزين دعاء الله تعالى فإن دعاء غير الله تعالى مبتدأ من التجاوز عن دعوة الله تعالى للمعارضة وإتيان مثله. وتلخيص المعنى ادعوهم متجاوزين دعاء الله تعالى فإن دعاء غير الله تعالى مبتدأ من التجاوز عن دعائه تعالى. والشهداء إما من الشهيد بمعنى الحاضر أو من الشهيد بمعنى الناصر، أشار إلى الأول بقوله: «من حضركم» وإلى الثاني بقوله: «أو من رجوتم معونته» ولم يقل أو أعانكم وهو المناسب لقوله: «من حضركم» لأن إعانة شهدائهم إنما هي بحسب رجائهم وزعمهم لا بحسب الواقع. وقوله: «من أنسكم وجنكم وآلهتكم» بيان لقوله: «من حضركم ومن رجوتم معونته» على سبيل البدل، وقوله:
«غير الله» منصوب على الاستثناء أو على البدلية من قوله: «حضركم» وهو حاصل معنى قوله تعالى: من دون الله كما ذكر الشريف المحقق نور الله مرقده: من أن الدون الذي هو بمعنى تجاوز حد إلى حد قريب من أن يكون بمعنى غير كأنه أداة استثناء. وكذا ذكر في الحواشي السعدية. والأمر في قوله تعالى: وادعوا شهداءكم على هذا الوجه يكون للتعجيز والتحدي والإرشاد إلى أن القرآن كتاب سماوي. فإن معنى الآية على ما قاله المفسرون: أن الله تعالى لما احتج عليهم في إثبات توحيده احتج عليهم في إثبات نبوة عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم ببيان أن القرآن العظيم كتاب معجز نزله الله تعالى عليه إثباتا لنبوته وبيانا لما شرعه لعباده ليس في وسع غيره إتيان مثله. فكأنه تعالى قال: وإن كنتم في شك مما نزلنا عليه وقلتم لا ندري أهو من عند الله أم لا؟ لجواز كونه مختلقا مفترى كما أخبر الله تعالى عنهم قالوا: إن هذا إلا اختلاف وما هذا إلا أفك مفترى وإن هذا إلا سحر مبين، فاعلموا أن المقام ليس مقام الشك والارتياب لقيام البرهان الدال على كونه من عند الله تعالى. وبين الطريق الموصل إلى زوال الشك والارتياب وإلى التيقن بأنه كلام الله تعالى حيث تحداهم بأن قال لهم: ادعوا أعوانكم وأنصاركم واستعينوا بكل ناصر لكم غير الذي هو القادر على كل شيء، وانظروا هل في قدرتكم الإتيان بمثله؟ فإن عجزتم عن ذلك مع تظاهركم وتعاونكم فكيف تزعمون أن محمدا أتى به من قبله؛ فإنه لو أتى به من عند نفسه لقدرتم أنتم مع تظاهركم على الإتيان بمثله. قال تعالى: قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا [الإسراء: 88]. قوله:
(فإنه لا يقدر على أن يأتي بمثله إلا الله) علة وبيان لكون المعنى ما ذكره فإن الأمر فيه لتعجيزهم وإرشادهم إلى أن ما يستعينون به من غير الله تعالى لا يعينهم بل يعجزهم بلا مرية، لأنه مثلهم في العجز وضمير «فإنه» للشأن. قوله: (أو وادعوا من دون الله شهداء
Page 399