Ḥāshiyat Muḥyī al-Dīn-zāda ʿalā tafsīr al-Qāḍī al-Bayḍāwī
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
الثاني، وجاز الفصل بين المضاف والمضاف إليه في حال السعة بتيم الثاني وهو ليس بظرف مع أنه لا يجوز الفصل بينهما إلا في حال الضرورة وبالظرف خاصة. لأنه لما كرر الأول بلفظه وحركته بلا تغيير صار كأن الثاني هو الأول بعينه فلم يعد فاصلا. ألا يرى إلى جواز أن يقال: إن أن زيدا قائم مع امتناع الفصل بين أن واسمها بغير الظرف. ومعنى «تيم الله» عبد الله من قولهم: تيمه الحب أي عبده وذلله فهو متيم ويقال أيضا: تامته فلانة. والمراد به ههنا قبيلة من أولاد تيم بن عبد الله بن أد بن طابخة وهم قوم عمر بن لجا، وعدي أخوتهم «ولا أبالكمو» كلمة مدح. وتمام البيت:
لا يلقينكمو في سوءة عمر
أي لا يوقعنكم عمر في مكروه بتعرضه لهجوي وهو في الظاهر نهي لعمر، والمراد نهي قومه عن أن يخلوا بينه وبين هجو جرير. فإنه روي أن عمر بن لجا أراد أن يهجو جريرا فخاطب جرير قبيلة تيم وقال لهم: لا تتركوا عمر أن يقول شعرا في هجوي فإنه لو قال ذلك لأصابكم شري وضرري بسببه.
وكلمة «لعل» موضوعة لإنشاء توقع أمر فإن كان ذلك الأمر نافعا توقع الخير وأمله ورجا انتظار حصوله فتوقعه يسمى الترجي، وإن كان ضارا فتوقعه يسمى إشفاقا. ثم إن كل واحد من الترجي والإشفاق قد يكون من المتكلم كما في قولك: لعل زيدا يكرمني ولعله يهينني، وقد يكون من المخاطب كقوله تعالى: فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى [طه: 44] أي راجيين أن يتذكر أو يخشى، فإن توقع النافع إنما هو حال موسى وهرون عليهما السلام لا حال المتكلم لاستحالة الترجي ممن هو علام الغيوب وقوله تعالى: وما يدريك لعل الساعة قريب [الشورى: 17] فإنه للإشفاق الواقع من المخاطب بدليل قوله تعالى: والذين آمنوا مشفقون منها [الشورى: 18] وقد يكون من غيرهما ممن له تعلق بالكلام بوجه ما كأنها جردت لمطلق التوقع كما في قوله تعالى: فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك [هود: 12] على أحد الوجهين وهو أنك قد بلغت من التهالك على إيمانهم مبلغا يرجون أن تترك بعض ما يوحى إليك مخافة ردهم لها وتهاونهم به، وقد يجيء للإطماع أيضا في مواضع من القرآن ومعنى الإطماع الإيقاع في الطمع فهو إنما يكون من المتكلم بالنسبة إلى غيره، ووجه مجيئها أن الطمع قريب من الرجاء فصار كأن الإطماع هو الترجية وليس المراد أنها في تلك المواضع تستعمل في حقيقة الإطماع كما في قولك: تعال إلي لعلي أكرمك، بل المراد أنها هنا للتحقيق إلا أنه أبرز في صورة الإطماع إما لإظهار أنه لا
Page 370