Ḥāshiyat Muḥyī al-Dīn-zāda ʿalā tafsīr al-Qāḍī al-Bayḍāwī
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
الذي خلقكم صفة جرت عليه تعالى للتعظيم والتعليل، ويحتمل التقييد والتوضيح إن اختص الخطاب بالمشركين وأريد بالرب أعم من الرب الحقيقي والآلهة التي أي الربوبية. وفي بعض النسخ «هي التربية» بدل الربية ووجه الشبه ما اشتهر من أن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بعليته له.
قوله: (صفة جرت عليه للتعظيم والتعليل) هذا على تقدير أن يكون الخطاب عاما لجميع فرق الناس على ما اختاره إذ لا وجه لجعل الصفة للتقييد والتخصيص، لأن لفظ الرب لا محتمل له غير الرب الحقيقي عز وجل بالنسبة إلى جميع الفرق فإن من يعتقد جميع الناس بربوبيته ويتفقون عليه هو الله تعالى وحده، فلما لم يكن للفظ الرب محتمل غير رب العالمين كيف يكون قوله تعالى: الذي خلقكم صفة مقيدة والتقييد إنما يتصور إذا كان للمقيد محتمل غير الخاص المراد؟ بخلاف ما إذا كان الخطاب للمشركين فإن الصفة المذكورة حينئذ يجوز كونها تحقيقية لأن مشركي العرب كانوا يعتقدون تعدد الأرباب والآلهة ويقولون باشتراك الجميع في استحقاق العبادة مع اعتقادهم بأن الخالق من بينها إنما هو الله تعالى وحده. قال تعالى: ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله [لقمان: 25] وهو عندهم رب الأرباب وأن آلهتهم شفعاء عند الله فأمروا بأن يخصوا العبادة بالرب الذي هو الخالق ويمتنعوا عن عبادة غيره تعالى فظهر أن الصفة ههنا أخص من الموصوف غير كاشفة إياه. وفي المفصل: والغرض الذي يساق له الصفة هو التفرقة بين المشتركين في الاسم ويقال إنها للتخصيص في النكرات والتوضيح في المعارف. انتهى. يعني أن الغرض من سوق الصفة وإجرائها على متبوعها المنكر التخصيص ومن سوقها وإجرائها على المتبوع المعرف التوضيح. ومعنى التوضيح في اصطلاح النحاة دفع الاشتراك الحاصل في المعارف إعلاما كانت أولا نحو: زيد العالم والرجل الفاضل فإن المعرفة وإن كانت موضوعة لتستعمل في شيء بعينه إلا أنه جيء بالصفة بعدها لزيادة الإيضاح ولدفع احتمال أن يكون هناك شخص آخر مسمى بزيد أو معهود يصح أن يعبر عنه بلفظ الرجل فيلتبس على السامع ما قصد بلفظ المتبوع، فلما جيء بالصفة حصل التوضيح وارتفع الالتباس. ومعنى التخصيص في اصطلاحهم تقليل الاشتراك الحاصل في النكرات كما في قولك: جاءني رجل صالح فإن لفظ الرجل كان بوضع الواضع محتملا لكل فرد من أفراد هذا النوع فلما قلت: صالح قلت:
الاشتراك والاحتمال وهو ظاهر. وقوله: «والتعليل» أي وأجريت عليه لبيان علة كونه ربا لهم مالكا إياهم. قال في الصحاح: رب كل شيء مالكه فكأنه قيل: إنما وصف الله تعالى بكونه ربا لكم لأنه هو الذي خلقكم ومن قبلكم فيكون مالككم وسيدكم بلا شبهة، فإن قيل: فما الفائدة في قوله: والذين من قبلكم وخلق الله تعالى من قبلهم كيف يكون علة لكونه ربا
Page 364