Ḥāshiyat Muḥyī al-Dīn-zāda ʿalā tafsīr al-Qāḍī al-Bayḍāwī
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
كالجزء منه، فحقه أن لا يجمع كما لم يجمع أخواته ويستوي فيه الواحد والجمع. وليس الذي جمعه لمصحح بل ذو زيادة زيدت لزيادة المعنى ولذلك جاء بالياء أبدا على اللغة الفصيحة التي عليها التنزيل ولكونه مستطالا بصلته استحق التخفيف، ولذلك بولغ فيه فحذف ياؤه ثم كسرته ثم اقتصر على اللام في أسماء الفاعلين والمفعولين. أو قصد به مع صلته بمنزلة اسم تام، وتجرد الموصول بمنزلة جزء منه فحينئذ كان حقه أن لا يجمع لأن الجمعية من خواص الاسم التام المستقل بالإفادة فلذلك جاز أن يوضع موضع «الذين» وأن يستوي فيه الواحد والجمع كسائر الموصولات نحو «من» و «ما» الموصولتين. قوله:
(ويستوي) بالنصب معطوف على قوله: «لا يجمع» ولما حكم بأن حقه أن لا يجمع توجه أن يقال: فكيف قيل «الذين» بالياء والنون في مقام الجمع «كمسلمين» وهو جمع مصحح لمسلم؟ فدفعه بقوله: «وليس الذين بجمعه المصحح» لأنه مخصوص بأولي العلم «والذي» عام ولفظ «الذين» وإن كان يطلق إلا على جماعة أولي العلم إلا أن ذلك لا يكفي في كونه جمعا مصححا بل لا بد معه أن يختص لفظ المفرد بأولي العلم «كالمسلم» و «القائم».
وأيضا إنه لم يجىء على سنن الجموع المتمكنة حيث لم يزد فيه إلا النون فقط ولم يستعمل إلا مع الياء في جميع الأحوال ولو كان جمعا مصححا لكن بالواو في حال الرفع. وهو معنى قوله: «ولذلك جاء بالياء أبدا» أي ولعدم كونه جمعا مصححا لم يقل «الذون» في حال الرفع على اللغة الفصيحة التي عليها التنزيل كما في قوله تعالى: فأما الذين آمنوا* الآية.
و«الذون» في حال الرفع إنما هي لغة هذيلية. وقد تحذف النون من «الذون» تخفيفا كما في قوله:
قومي ألذ وبعكاظ طيروا شررا ... من روس قومك ضربا بالمصاقيل
ومن «الذين» أيضا كما في قوله:
وإن الذي حانت بفلج دماؤهم
كذا في شرح الرضي ولأن الجمع سواء كان مصححا أو مكسرا لا بد أن يكون له لفظ مفرد حامل لمعنى الجنسية مع الوحدة العارضة لها، ولفظ «الذين» ليس له لفظ مفرد لأن لفظ «الذي» يدل على المعنى الجنسي المتناول للمفرد والجماعة. فإذ أريدت الدلالة على الجنس من حيث تعدده في ضمن العدد والكثرة فقط زيدت النون فلم تبق صلاحية لأن يراد به فرد، أو فردان كما صلح لذلك لفظ «الذي» بل يتعين أن يراد به الجماعة ويصير كاسم الجنس المحلى بلام الاستغراق ومثله لا يكون جمعا، وهو معنى قوله: «بل ذو زيادة زيدت لزيادة المعنى» وهي الاختصاص كأن يرد به الجمعية والكثرة المفقودة في «الذي». وقوله:
Page 314