Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
خلاف ما هو به وهو حرام كله لأنه علل به استحقاق العذاب حيث رتب عليه. وما روي أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كذب ثلاث كذبات، فالمراد التعريض ولكن لما شابه الكذب في صورته سمي به.
وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض عطف على يكذبون أو يقول.
الواقع. قوله: (وهو حرام كله) قيل: لا على مذهب الشافعية، وذكر في كتب الحنفية أنه يجوز في ثلاثة مواضع: في الصلح بين الناس، وفي الحرب، ومع امرأته. قوله: (وما روي الخ) جواب عما يقال: إذا كان الكذب كله حراما فكيف كذب إبراهيم عليه الصلاة والسلام ثلاث كذبات: الأولى قوله: إني سقيم [الصافات: 89] وليس به سقم وثانيها قوله: بل فعله كبيرهم هذا [الأنبياء: 63] ولم يفعل الصنم الكبير شيئا وثالثها قوله لملك الشام حين أراد أن يغصب زوجته سارة. «وهذه أختي» وهي زوجته لا أخته؟ وقيل:
الكذبات الثلاث قوله: هذا ربي [الأنعام: 77، 78] ثلاث مرات حين جن عليه الليل فرأى كوكبا وحين رأى القمر وحين رأى الشمس. وتقرير الجواب أن إطلاق الكذب عليها على سبيل المجاز تشبيها لها بالكذب لكونها في صورته لأنها ليست بكذب في الحقيقة بل تعاريض، والتعاريض أن يشار بالكلام إلى جانب والغرض منه جانب آخر. فقوله: إني سقيم في الحال ليتركوه عن الذهاب معهم إلى عيد لهم ويخلوا سبيله فيكسر أصنامهم، لكن الغرض منه جانب آخر وهو أنه سيسقم لما علم ذلك بأمارة من النجوم من حيث كونه عالما بأحكامها وأحوالها، وأنه سيسقم لما يجد من الغيظ الشديد باتخاذهم الأصنام آلهة. وقوله: بل فعله كبيرهم هذا أوهمهم أن الكبير كسر الصغار غيرة على تسويتكم إياها به في استحقاق العبادة والتعظيم، والغرض الإشعار بعدم قدرته عليه وأن من عجز عن أن يدفع عن نفسه مثل هذا الضعيف كيف يكون آلها فإذا لم يصلح هو للألوهية فالصغار المكسورة أولى أن لا تكون آلهة. وقوله: «هذه أختي» أوهم الملك أنها أخته من جهة النسب، والغرض منه الأخوة في الدين وانتسابهما إلى دين واحد وأراد بذلك تخليصها من يد الظالم فإن ذلك الملك كان من قوانين سياسته أن لا يتعرض إلا لذوات الأزواج واللاتي لا أزواج لهن لا سبيل له عليهم إلا إذا رضين، فأوهمه أنها ليست بذات زوج ليخلصها منه. وقوله: هذا ربي كلام على سبيل التنزل والغرض إرخاء العنان مع الخصم في المحاورة كأنه يعرض بربوبيته تنبيها على خطأهم واتخاذهم المتغير الحادث الممكن ربا.
قوله: (عطف على يكذبون) وتقدير الكلام وبما كانوا إذا قيل لهم لا تفسدوا الخ، وعلى الثاني ومن الناس من إذا قيل لهم لا تفسدوا. والأول أوجه لخلوه عن تخلل البيان أو
Page 279