197

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Genres

كالدنيا. وعن نافع أنه خففها بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على اللام، وقرىء يؤقنون بقلب الواو همزة لضم ما قبلها إجرآء لها مجرى المضمومة في وجوه ووقتت، ونظيره:

لحب المؤقدان إلى مؤسى ... وجعدة إذ أضاءهما الوقود

في الباطل خاصة. قوله: (وعن نافع أنه خففها) أي سلك في تلفظ قوله تعالى: وبالآخرة هم يوقنون سبيل التخفيف بأن حذف همزتها وألقى حركتها على اللام كما في قوله: دابة لرض. قوله: (وقرىء يؤقنون بقلب الواو همزة لضم ما قبلها) إجراء للواو المضموم ما قبلها مجرى الواو المضمومة نفسها، فإن الواو المضمومة الواقعة «فاء» الكلمة يجوز قبلها همزة كما في: وجوه ووقتت فإنه يجوز أن يقال فيهما: «أجوه» «وأقتت» وفي يوقنون لم تكن الواو المبدلة من «فاء» الكلمة مضمومة لكن أجريت ضمة ما قبلها وهو حرف المضارع مجرى الضمة الواقعة على نفسها فقلبت لذلك همزة. كما في قول جرير في وصف ابنيه موسى وجعدة وكانا مشهورين بالسخاء وإيقاد النار للقرى:

(لحب المؤقدان إلى مؤسى ... وجعدة إذ أضاءهما الوقود)

فإن سيبويه روى قلب الواو همزة في المؤقدان، وفي مؤسى اجراء لضمة ما قبلها مجرى ضمة نفسها. وحب فعل ماض أصله حبب على وزن كرم وشرف ومعناه صار محبوبا فأدغمت الباء الأولى في الثانية إما بسلب ضمتها أو بنقلها إلى الحاء قبلها، فلذلك روي لحب بفتح الحاء وضمها. واللام في لحب لام جواب قسم محذوف والماضي المثبت إذا وقع جوابا للقسم فالأولى أن يجمع بين اللام وكلمة «قد» إلا في أفعال المدح والذم فأنت تقتصر فيها على اللام ولا تدخلها «قد» لعدم تصرفها ولم يؤت «بقد » في قوله: «لحب» لإجرائه مجرى فعل المدح في مثل: والله لنعم الرجل زيد. وأراد بالمؤقد أن موقدي نار القرى فإنه المتبادر في استعمالات العرب خصوصا إذا استعمل في مقام المدح وصفهما بالكرم فكنى عنه بإيقاد النار وبالاشتهار به فكنى عنه بإضاءة الوقود إياهما. والوقود بالضم مصدر بمعنى الإيقاد وبالفتح ما يوقد به من الحطب ونحوه يقال: وقدت النار تقد وقودا بالضم أي توقدت وأوقدتها أنا واستوقدتها أيضا، والإيقاد التوقد. وقد صح عن صاحب الكشاف أن الوقود ههنا بضم الواو على أنه مصدر. والمعنى أنه لما أضاء إيقاد النار موسى وجعدة ورأيتهما ذوي ضياء ونور وبهجة صارا محبوبين إلي جدا. وقيل: قوله: «إذ أضاءهما» بدل اشتمال منهما، والمعنى لحب إلى وقت إضاءة وقودهما إياهما. ونحوه في البدلية قوله تعالى: واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت أي اذكر وقت انتباذها.

Page 203