187

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Genres

والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك هم مؤمنوا أهل الكتاب كعبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه وأضرابه معطوفون على الذين يؤمنون يتناول لكل ما يقع به معاونة المحتاجين، فإن الغني يعين بماله وذو الجاه بجاهه وشفاعته، وذو العلم بتعليمه وذو القدرة والقوة بنصرة العاجزين وتقويتهم ونحو ذلك. وفي بعض النسخ «من جميع المعادن» بالدال بدل الواو وهو جمع معدن وهو موضع المعدن بمعنى الإقامة، ومعدن كل شيء مركزه.

قوله: (وأضرابه) أي أمثاله جمع ضريب كشريف وأشراف. الجوهري: ضريب الشيء مثله وشكله. وعبد الله بن سلام رضي الله عنه من الأنصار وكان من أحبار اليهود من بني قينقاع الإسرائيلي، بفتح القاف الأولى وضم النون وبالعين المهملة، وكان اسمه الحصين فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن سلام بتخفيف اللام. فإن قلت: ما الفائدة في عطف قوله تعالى: وما أنزل من قبلك على قوله: والذين يؤمنون بما أنزل إليك مع أن كل من يؤمن بما أنزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو يؤمن بما أنزل من قبله أي بسائر الأنبياء وكتبهم؟ قلنا:

فائدته الإيذان بأن المراد بما أنزل من قبلك الإيمان به قصدا وأصالة قبل أن ننسخ تلاوته، ولا الإيمان به في ضمن الإيمان بما أنزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا لكفى أن يقال: «يؤمنون بما أنزل إليك». فلذلك فسرهم المصنف بقوله: «هم مؤمنو أهل الكتاب» إذ لو كان المراد بالإيمان بما أنزل من قبله عليه الصلاة والسلام ما يعم الإيمان به في ضمن الإيمان بما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن لتخصيصهم بمؤمني أهل الكتاب وجه، لأن كل من آمن بما أنزل إليه عليه الصلاة والسلام فهو مؤمن بما أنزل من قبله ولا اختصاص بذلك لمؤمني أهل الكتاب، فلا وجه لتخصيص الآية بهم خاصة. ذكر المصنف في عطف الموصول الثاني أربعة أوجه: الوجه الأول أن يكون معطوفا على قوله تعالى: الذين يؤمنون بالغيب على طريق عطف إحدى الذاتين المتباينتين على الأخرى بناء على أن المراد بالأولين هم الذين آمنوا عن إشراك وإنكار، وبالموصول الثاني مقابلوهم وهم الذين انتقلوا من دين إلى دين من غير أن يتطرق إليهم إشراك ولا إنكار أبدا فحينئذ يكون قوله تعالى: الذين يؤمنون بالغيب الآية صفة مقيدة للمتقين وتفصيلا لهم ومعنى الآية. هدى للمتقين الذين آمنوا عن شرك وإنكار وتحلوا بهذه الأمور كمؤمني العرب، ولمن لم يشرك أصلا بل انتقل من دين إلى دين آخر كمؤمني أهل الكتاب ولا شك أنهما متغايران ذاتا داخلان في جملة المتقين دخول أخصين تحت أعم. والوجه الثاني أن يكون الموصوف الثاني معطوفا على المتقين فلا يدخل مضمونه في جملة المتقين، كأنه قيل: هدى للمتقين العادلين عن الشرك بعد ما كانوا مشركين المتحلين بجمع ما أمروا به من الطاعات وهم مؤمنو العرب، وهدى للذين يؤمنون بما أنزل

Page 193