Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
عند جمهور المحدثين والمعتزلة والخوارج. فمن أخل بالاعتقاد وحده فهو منافق، ومن أخل بالإقرار فكافر، ومن أخل بالعمل ففاسق وفاقا. وكافر عند الخوارج، وخارج عن واحد وجعلوا الفرائض والنوافل كلها من جملة الإيمان ومن ترك شيئا من الفرائض فقد انتقص إيمانه ومن ترك النوافل لم ينتقص إيمانه، ومنهم من قال: الإيمان للفرائض دون النوافل. إلى هنا كلامه وبه يندفع ما يرد على ظاهر قول المصنف: «ومن أخل بالعمل وحده» أي تركه دون التصديق والإقرار «خارج عن الإيمان غير داخل في الكفر عند المعتزلة» من أنه يفهم منه أن المخل بالعمل وحده مؤمن فاسق وليس بكافر عند جمهور المحدثين كما هو كذلك عند أهل السنة وهذا إيضاح ما قالوا: إن الإيمان مجموع ثلاثة أمور فإن سلب أحد أجزاء الشيء يستلزم انتفائه، ووجه الاندفاع أنهم لم يجعلوا المعصية كفرا مطلقا بل شرطوا في كونها كفرا الجحود والإنكار وكذا لم يجعلوا شيئا من الطاعات إيمانا على حدة إلا بشرط تحقق التصديق والإقرار، والحاصل أنهم لم يجعلوا الإيمان شيئا واحدا مركبا من تلك الثلاثة بل جعلوا كل واحد من التصديق وسائر الطاعات إيمانا على حدة فلا يلزم من انتفاء أصل الإيمان، فالعاصي الذي يصدق الحق ويقربه مؤمن فاسق أي خارج عن الطاعات عند أهل السنة والمحدثين، وفاسق كافر عند الخوارج، وفاسق خارج عن الإيمان غير داخل في الكفر عند المعتزلة، فإنهم يجعلون الإيمان والكفر متضادين فيجوزون ارتفاعهما لا متناقضين حتى يمتنع ذلك.
قوله: (ومن أخل بالإقرار فكافر) أي من تركه قصدا مع التمكن منه فهو كافر أي مجاهر بالكفر وإلا فالمنافق أيضا كافر إلا أنه يخفي كفره ويظهر ما يدل على الإيمان. قيل:
فيه نظر لأن الإخلال بالإقرار لا يوجب الكفر مطلقا أي سواء تركه مع التمكن منه أو من غير تمكن ويدل عليه قول الإمام: فإن قال قائل: ههنا صور: الصورة الأولى من عرف الله عز وجل بالدليل والبرهان وكاتم العرفان ومات ولم يوجد من الزمان ما يتلفظ فيه بكلمة الشهادة فههنا إن حكمت بأنه مؤمن فقد حكمت بأن الإقرار باللسان غير معتبر في تحقق الإيمان وهو خرق للإجماع، وإن حكمت بأنه غير مؤمن فهو باطل لقوله عليه الصلاة والسلام: «يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان» وهذا قلبه طافح بالإيمان فكيف يحكم بكفره؟ والصورة الثانية من عرف الله عز وجل بالدليل ووجد من الوقت ما أمكنه أن يتلفظ فيه بكلمتي الشهادة لكنه لم يتلفظ بهما فإن قلتم: إنه مؤمن فقد اعترفتم بأن الإقرار غير معتبر في تحقق الإيمان وهو خرق للإجماع وإن قلتم إنه غير مؤمن فهو باطل لما مر من الحديث فإن الإيمان لا ينتفي من القلب بالسكوت عن النطق. والجواب أن الغزالي قدس الله سره منع هذا الإجماع في الصورتين وحكم بكونهما مؤمنين وقال: إن الامتناع عن
Page 175