Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
فسر التقوى بترك ما لا ينبغي مترتبة عليه ترتب التحلية على التخلية، والتصوير على التصقيل أو موضحة إن فسر بما يعم فعل الحسنات وترك السيئات لاشتماله على ما هو العميق متحيز، وإن كان مفهومها خارجا عن مفهوم الموصوف بأن دلت على بعض الأحوال الخارجة عن مفهوم الموصوف تسمى مخصصة مقيدة، وإن كان الموصوف معلوما عند المخاطب قبل إجراء الصفة عليه سواء كان مما لا شريك له في ذلك الاسم نحو بسم الله الرحمن الرحيم* فإنه لا شيء يشترك معه تعالى في اسم الله حتى يحتاج إلى تخصيصه وتمييزه تعالى عنه ونحو (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) فإنه لا شريك للغير في اسم الشيطان، أو كان له شريك فيه نحو: أتاك زيد الفاضل الكريم أو الفاسق اللئيم إلا أن الموصوف إن كان معلوما للمخاطب قبل إجراء الصفة عليه كما إذا عرف المخاطب زيدا الآتي بأنه الفاضل الكريم قبل ذكر وصفه فالصفة في مثله تكون لمدح الموصوف أو ذمه لا لتقييده وتعيينه، وإن كان له شريك في اسمه. ووصف المتقين بقوله: الذين يؤمنون يحتمل أن يكون لكل واحد من هذه الوجوه الثلاثة التقييد والتوضيح والمدح، أما الأول فعلى تقدير أن يفسر التقوى بترك ما لا ينبغي كالشرك والعقائد الزائغة والتحلي عن الأفعال التي نهى عنها صريحا نحو: أن يتحلى بالطاعات المأمور بها كالإيمان بالغيب وإقام الصلاة وإيتاء الحقوق المالية وأن لا يتحلى، فوصف المتقين بما ذكر بعده تقييدا لهم حتى يتميزوا عن المتقين الذين لم يتحلوا بما ذكر من الطاعات. قوله: (مترتبة) مرفوع على أنه صفة ثالثة لقوله: «صفة». والتحلية بالحاء المهملة والثانية بالخاء المعجمة، ويقال صقل السيف أي جلاه ونقله إلى بناء التفعيل للمبالغة.
قوله: (أو موضحة) مرفوع بالعطف على قوله: «مقيدة» وذلك على تقدير أي يفسر التقوى بمعناه المتعارف عند أهل الشرع وهو إتيان أنواع الطاعات بأسرها وترك المنكرات والمعاصي بأجمعها، ووجه كون الصفة موضحة حينئذ أن تكون عين مفهوم الموصوف مع زيادة تفصيل وبيان فيها، ولما ورد أن يقال: كيف تكون هذه الصفة موضحة لمفهوم الموصوف وهو المتقون ومشتملة على زيادة تفصيل وبيان له مع أنه لم يتعرض فيها لأكثر الطاعات ولا لشيء من ترك المنكرات؟ دفعه بقوله: «لاشتماله» الخ فإنه علة لكونها موضحة والضمير المجرور فيه راجع إلى الصفة لكونها في معنى الوصف أو إلى قوله: الذين يؤمنون الآية والمآل واحد. ووجه الدفع أن المتقي في الشريعة من يقي نفسه عما يضره في الآخرة من فعل سيئة أو ترك حسنة ومحصله أنه الذي يفعل الحسنات ويترك السيئات فمفهوم المتقين ينبىء إجمالا عن هذين الأمرين وهذه الصفة أعني قوله تعالى: الذين يؤمنون بالغيب الخ مشتملة عليهما معا فهي كاشفة لموصوفها لأن الإتيان بالإيمان والصلاة والصدقة
Page 167