Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
مع التعليل، وفي الثانية فخامة التعريف، وفي الثالثة تأخير الظرف حذرا من إيهام الباطل، وفي الرابعة الحذف والتوصيف بالمصدر للمبالغة وإيراده منكرا للتعظيم وتخصيص الهدى بالمتقين باعتبار الغاية وتسمية المشارف للتقوى متقيا إيجازا وتفخيما لشأنه.
الذين يؤمنون بالغيب إما موصول بالمتقين على أنه صفة مجرورة مقيدة له إن توجد في بعض الجمل نكتتان أو أكثر. ففي الجملة الأولى ثلاث نكت: الأولى حذف المبتدأ وأشار إليها بقوله: «المتحدى به» وهو المؤلف من جنس هذه الحروف، والثانية الرمز إلى المقصود وهو كون المتحدى به وحيا إلهيا فلذلك يعجز البشر عن إتيان مثله، والثالثة التعليل على هذا المقصود بالعطف. ووجه تقريره المتحدى به لو كان من عند غير الله تعالى لما عجزوا عن معارضته مع كونه مؤلفا من جنس ما ينظمون منه كلامهم فثبت به أن إعجازه ليس إلا لكمال بلاغته بحيث لا يقدر عليه إلا من أحاط بكل شيء قدرة وعلما. واعلم أن المصنف جعل نفس الحذف نكتة مع أنه مما تقتضيه النكتة لا نفس النكتة فإنها عبارة عن الأمر الداعي إلى اعتبار خصوصية ما في الكلام الذي يعبر به عن المراد، ويقال لذلك الأمر الحال والمقام ولتلك الخصوصية مقتضى الحال والمقام والاعتبار لهما، ومنها الحذف فإن الشيء إنما يحذف إذا كان السامع عارفا به لقيام ما يدل عليه من القرائن وتحقق مع ذلك نكتة داعية إلى الحذف ومرجحة له على الذكر كتعيينه حقيقة أو ادعاء أو ضيق المقام عن إطالة الكلام أو محافظة الوزن أو السجع أو اختيار تنبيه السامع هل يتنبه أم لا؟ أو مقدار تنبهه هل يتنبه بالقرائن الخفية أم لا؟ فظهر أن الحذف ليس نفس النكتة بل هو مما تقتضيه النكتة إلا أن المصنف سماه نكتة على طريق تسمية مقتضى النكتة بالفتح باسم النكتة المقتضية له. قوله: (وفي الثانية فخامة التعريف) فإن تعريف الخبر بلام الجنس يفيد حصر جنس الخبر في المبتدأ بناء على أن المبتدأ يكون أكمل أفراد ذلك الجنس وهو تفخيم بليغ للمبتدأ. قوله:
(وفي الثالثة تأخير الظرف حذرا من إيهام الباطل) فإنه لو قدم الظرف وقيل : لا فيه ريب لا، وهم أن انتفاء الريب مختص بهذا الكتاب من بين سائر الكتب وهو وهم باطل إذ لا ريب في شيء من الكتب السماوية. قوله: (وفي الرابعة الخ) ذكر فيها خمس نكت: الأولى حذف المبتدأ والتقدير هو هدى، والثانية وصف المسند إليه بالمصدر وهو هدى للمبالغة على طريق رجل عدل، والثالثة إيراد المصدر المذكور منكرا إشارة إلى أنه هدى لا يكتنه كنهه، والرابعة تخصيص الهدى بالمتقين بإدخال اللام الدالة على الاختصاص على لفظ المتقين. قوله:
(باعتبار الغاية) متعلق بالمتقين أي بالذين تصير عاقبة أمرهم وحال مآلهم التقوى فإنهم هم المنتفعون به والمختصون بالاهتداء به، وتسميتهم بالمتقين مجاز باعتبار الغاية والمال على طريق تسمية الحي قتيلا والعصير خمرا بذلك الاعتبار، والخامسة تسمية المشارف أي
Page 165