Hashiya Cala Tafsir Baydawi

Muhyi Din Shaykh Zada d. 950 AH
114

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Genres

المتلو عليهم كلام منظوم مما ينظمون منه كلامهم، فلو كان من عند غير الله لما عجزوا عن آخرهم مع تظاهرم وقوة فصاحتهم عن الإتيان بما يدانيه وليكون أول ما يقرع الأسماع مستقلا بنوع من الإعجاز. فإن النطق بأسماء الحروف مختص بمن خط ودرس، فأما من الأمي الذي لم يخالط الكتاب فمستبعد مستغرب خارق للعادة كالكتابة والتلاوة، وحداء. وليس المطلب معتبرا في مفهوم التحدي بل هو مستفاد من قوله تعالى: وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله [البقرة: 230] وقوله تعالى: فأتوا بسورة مثله [يونس: 38] وقد يفسر المتحدي بطلب المعارضة بناء على أن كل واحد من المتحديين إنما يفعل ما يفعله بطريق المنازعة مع الآخر وقصد الغلبة عليه فكأنه يطلب منه أن يفعل ما في وسعه ليظهر غلبته عليه. قوله: (لما عجزوا عن آخرهم) صفة مصدر محذوف أي لما عجزوا عجزا صادرا عن آخرهم، وهو عبارة عن شمول العجز واستيعابه لجميعهم فإن العجز إذا صدر عن آخرهم يكون صادرا عن جميعهم. قوله: (وليكون أول ما يقرع الأسماع مستقلا بنوع من الإعجاز) عطف على قوله: «إيقاظا وتنبيها» حذف اللام من المعطوف عليه لوجود شرط حذفها وهو كون المفعول له فعلا لفاعل الفعل والمعلل، فهو وجه ثان لافتتاح السورة بهذه الأسماء. والفرق بين هذا الوجه والوجه الأول مع اشتراكهما في الدلالة على أن المقصود من هذه الفواتح التنبيه على إعجاز المتلو عليهم أن الوجه الأول يدل على إعجاز القرآن في نفسه مع قطع النظر عن حال مبلغه من حيث إنه منظوم مما ينظمون منه كلامهم مع أنهم عجزوا عن معارضته، والوجه الثاني يدل على إعجازه بالنظر إلى حال مبلغه ومن تكلم به فإن النطق بأسماء الحروف يختص بمن خط أي كتب ودرس أي قرأ الكتاب فإذا نطق الأمي بأسماء الحروف من غير أن تعلم ظهر أن علمه بذلك إنما هو بطريق الوحي وإن لم يوح إليه عاجز عن مثله. واعترض على الوجه الثاني بأن نطق الأمي بها لا يدل على الإعجاز لأمكان تعلمها في أقصر مدة ولو بسماع من صبي، وأجيب عنه بأن المستغرب ليس مجرد التلفظ بها بل هو مع رعاية لطائف ذكرت متصلة بهذا الكلام ولا يمكن رعايتها للأمي إلا بالوحي. ويحتمل أن يكون قول المصنف «سيما» إلى آخره إشارة إلى هذا الجواب. وأجيب عنه أيضا بأن تعلم أسماء الحروف في أقصر مدة ولو بطريق السماع من صبي وإن كان أمرا ممكنا في نفسه إلا أن ذلك ليس بممكن في ذلك الزمان لأن العلم بأسماء الحروف لم يكن في علم محتملهم فضلا عن صبيانهم لأنهم كانوا قوما أميين لم يكن في جملة قبائل قريش في ذلك الوقت سوى اثنين أو ثلاثة من أهل الخط والهجاء، فكأن المعترض قاس ذلك الزمان بالزمان الذي هو فيه. والأديب العالم بعلم الأدب، والأريب العاقل والمقصود بهذه الأوصاف المبالغة في دلالة هذه الفواتح على إعجاز

Page 120