283

Ḥāshiyat al-Shihāb ʿalā tafsīr al-Bayḍāwī, al-musammā: ʿInāyat al-Qāḍī wa-kifāyat al-Rāḍī ʿalā tafsīr al-Bayḍāwī

حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي، المسماة: عناية القاضى وكفاية الراضى على تفسير البيضاوي

تقري الرياح رياض الحزن مزهرة ~ إذا جرى النوم في الأجفان إيقاظا
فإنّ حسن التشبيه بحسب الأصالة إنما هو فيمابن هبوب الرياح والقرى لا فيما بين الرياض والضيف أو الإيقاظ والطعام، وإذا كان في المتعلق وذكر الفعل تبعا كما في ينقضون عهد الله، فاستعارة بالكناية لشيوع طشبيه العهد بالحبل، وان كان الأمران على السواء كما في نطقت الحال، فمحتمل إذ كل من تشبيه الدلالة بالنطق والحال بالناطق حسن كما مرّ. قوله: (ومشاعرهم المؤفة إلخ) المشاعر الحواس، وقوله ﴿وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ معناه لا تدركون بالحواس وهو جمع مشعر بفتح الميم وكسرها لأنه محل الشعور أو آلته إلا أنه لا يعرف في الاستعمال كالجمع، والمؤفة بزنة معونة بفتح فتضم يليه واو ونون وهاء أي التي أصابها ما أفسدها وأبطل إحساسها، وهي اسم مفعول من الآفة بمعنى العاهة أعل إعلال مقولة إلا أنّ فعله لازم وهو آف الزرع إذا ًا صابته آفة وقد سمع قعديه في قولهم ايف الزرع بزنة قيل فصيغة المفعول على هذا مقيسة، وعلى ما قبله على خلاف القياس ولذا أنكره بعض اللغويين.
وفي كتاب الأفعال للسرقسطي آف القوم أوفا إذا دخلت عليهم مشقة، ويقال في لغة ايفوا
وتال الكسائيّ: طعام مؤف إذا أصابته آفة، وأنكر أبو حاتم طعام مؤف اهـ وضمير بها للنفوس، وقد سقط من بعض النسخ والباء بمعنى في وعوده على الهيئة والباء للسببية جائز، وبأشياء متعلق بمثل والاستنفاع طلب النفع، وكأنه آثره على الانتفاع مع أنه المعروف في الاستعمال لأنه أبلغ فإنه إذا حيل بينه وبين طلب النفع فقد حيل بينه وبين الانتفاع بالطريق الأولى وختما وتغشيه منصوبان على التمييز، ومنه تعلم أنه يجوز أن يثون مجازا مرسلاَ باستعماله في لازم معناه وهو المنع والحيلولة ولم يتعرّضوا له لأنّ الاستعارة أكسب وأبلغ. قوله: (وقد عبر عن إحداث هذه الهيئة إلخ) هذا مأخوذ من كلام الراغب بعينه كما قدمناه يعني أنه كما عبر عن إحداث هذه الهيئة بالختم عبر عنه بما ذكر، فالطبع تصوير الشيء إصورة مّ كطبع السكة وطبع
الدراهم، فهو أعمّ من الختم وأخص من التقش، والطابع الخاتم، وقد يفسر الطبع بالختم والطبع أيضا الجبلة التي خلق عليها كالطبيعة يقال طبعت الكتاب، وعليه إذا ختمته، ويجري في الطبع ما مرّ بعينه، وأمّ الإغفال، فهو استعارة من إغفال الكتاب أي تركه غفلاَ بزنة قفل أي غير منقوط ومشكول، وهو ضدّ المعجم وقوله تعالى ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا﴾ [الكهف: ٢٨] معناه تركناه غير مكتوب فيه الإيمان كما قاله الراغب ﵀، فلا إشكال في كلام المصنف ﵀، ومنهم من فسره بجعل الشخمى غافلًا فاعترض عليه بأنه غير إحداث الهيئة المذكورة وغير مستلزم لها فاعتذر عنه بعضهم وهو غفلة لا إغفال، وأمّا القسوة فهي من قولهم درهم قسيّ أي مغشوس، فهو استعارة أيضًا كما ذكره الراغب، وسيأتي تحقيقه في سورة المائدة والإقساء ذكر لحاصل معنى جعلها قاسية فلا يتوهم أنه ليس في النظم الأقساء بل القسوة إلًا أنها لغة غير فصيحة، ولذا عدل عنها في القرآن مع أنها أخصر. قوله: (وهي من حيث أنّ الممكنات إلخ) هذا ردّ على قوله في الكشاف القصد إلى صفة القلوب بأنها كالمختوم عليها، وأمّا إسناد الختم إلى الله ﷿ فلينبه على أنّ هذه الصفة في فرط تمكنها وثبات قدمها كالشيء الخلقي غير العرضيّ ثم قال وكيف يتخيل ما خيل إليك وقد وردت الآية ناعية على الكفار شناعة صفتهم وسماجة (١) حالهم ونيط بذلك الوعيد بعذاب عظيم فصرف الإسناد إلى الله تعالى عن ظاهره وجعله غير حقيقيّ بناء على مذهبه من أنّ أفعال العباد مخلوقة لهم، لئلا تسند المعاصي وا اغبائح إلى الله ﷾ على ما تقرّر في الكلام وضمير هي راجع إلى الأمور المذكورة المعلومة من السياق من ختم القلوب والغشاوة وتابعهما ويجوز إرجاعه إلى الهيئة، وهو مبتدأ خبره جملة أسندت إليه أي إلى الله والرابط الضمير المستتر في أسندت، ومن حيث الأوّل متعلق بأسندت مقدم عليه للاهتمام أو للحصر بالنسبة إلى قبحها وحيث مضافة إلى الجملة المصدّرة بأنّ المكسورة والممكنات اسمها، ومستندة وواقعة خبر ان لها بغير عطف لما بينهما من شبه الاتحاد أو الثاني بدل أو عطف بيان، والواو الداخلة على من حيث الثانية عاطفة لجملة

1 / 282