194

Hashiya Cala Sunan Abi Dawud

حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية)

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الثانية

Publication Year

1415 - 1995

Publisher Location

بيروت

السابع أنه لو فرض أن الفسخ للإعلام المذكور لكان ذلك دليلا على داوم مشروعيته إلى يوم @ القيامة فإن ما شرع في المناسك لمخالفة المشركين مشروع أبدا كالوقوف بعرفة لقريش وغيرهم والدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس

الثامن أن هذا الفسخ وقع في آخر حياة النبي ولم يجيء عنه كلمة قط تدل على نسخه وإبطاله ولم تجمع الأمة بعده على ذلك بل منهم من يوجبه كقول حبر الأمة وعالمها عبد الله بن عباس ومن وافقه وقول إسحاق وهو قول الظاهرية وغيرهم ومنهم من يستحبه ويراه سنة رسول الله كقول إمام أهل السنة أحمد بن حنبل وقد قال له سلمة بن شبيب يا أبا عبد الله كل شيء منك حسن إلا خصلة واحدة تقول بفسخ الحج إلى العمرة فقال يا سلمة

كان يبلغني عنك أنك أحمق وكنت أدافع عنك والآن علمت أنك أحمق عندي في ذلك بضعة عشر حديثا صحيحه عن رسول الله أدعها لقولك وهو قول الحسن وعطاء ومجاهد وعبيد الله بن الحسن وكثير من أهل الحديث أو أكثرهم

التاسع أن هذا موافق لحج خير الأمة وأفضلها مع خير الخلق وأفضلهم فإنه أمرهم بالفسخ إلى المتعة وهو لا يختار لهم إلا الأفضل فكيف يكون ما اختاره لهم هو المفضول المنقوص بل الباطل الذي لا يسوغ لأحد أن يقتدي بهم فيه العاشر أن الصحابة رضي الله عنهم إذا لم يكتفوا بعمل العمرة معه ثلاثة أعوام في أشهر الحج وبقوله لهم عند الإحرام من شاء أن يهل بعمرة فليهل على جواز العمرة في أشهر الحج فهم أحرى أن يكتفوا بالأمر بالفسخ في العلم بجواز العمرة في أشهر الحج فإنه إذا لم يحصل لهم العلم بالجواز بقوله وفعله فكيف يحصل بأمره لهم بالنسخ

الحادي عشر أن بن عباس الذي روى أنهم كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور وأن النبي أمرهم لما قدموا بالفسخ هو كان يرى وجوب الفسخ ولا بد بل كان يقول كل من طاف بالبيت فقد حل من إحرامه ما لم يكن معه هدي وبن عباس أعلم بذلك فلو كان النبي إنما أمرهم بالفسخ للإعلام بجواز العمرة لم يخف ذلك على بن عباس ولم يقل إن كل من طاف بالبيت من قارن أو حاج لا هدي معه فقد حل

الثاني عشر أنه لا يظن بالصحابة الذين هم أصح الناس أذهانا وأفهاما وأطوعهم لله ولرسوله أنهم لم يفهموا جواز العمرة في أشهر الحج وقد عملوها مع رسول الله ثلاثة أعوام وأذن لهم فيها ثم فهموا ذلك من الأمر بالفسخ

Page 145