220

Hashiya Cala Sharh Jamc Jawamic

حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع

Genres

فالوصف الملغى حاله كما أشار إليه بعد، ويجوز أن يكون موقعته.

الشارح: وقد أفتى يحيى بن يحيى المغربي ملكا جامع في نهار رمضان بصوم شهرين متتابعين نظرا إلى ذلك، لكن الشارع ألغاه بإيجابه الإعتاق ابتداء من غير تفرقة بين ملك وغيره. ويسمى هذا القسم ب «الغريب» لبعده عن الاعتبار.

المحشي: قوله «يحيى بن يحيى المغربي» هو من أصحاب الإمام مالك، وكان إمام أهل الأندلس، والملك الذي أفتاه هو صاحبها، واسمه عبد الرحمن بن الحكم الأموي المعروف بالمرتضى.

ولما أفتاه بذلك قيل له بعد أن خرج من عنده: لم لم تفته بمذهب مالك «وهو التخيير بين الإعتاق والصوم والإطعام»؟ فقال: لو فتحنا هذا الباب سهل عليه أن يطأ كل يوم ويعتق رقبة، ولكن حملته على أصعب الأمور لئلا يعود.

صاحب المتن: وإلا فهو المرسل.

الشارح: «وإلا» أي وإن لم يدل الدليل على إلغائه كما لم يدل على اعتباره «فهو المرسل» لإرساله أي إطلاقه عما يدل على اعتباره أو إلغائه، ويعبر عنه ب «المصالح المرسلة»، وب «الاستصلاح».

المحشي: قوله «وإلا» أي وإن لم إلى قوله: فهو المرسل» محله ليجري فيه الخلاف الآتي إذا علم اعتبار عينيه في جنس الحكم أو عكسه، أو جنسه في جنس الحكم، وإلا فهو مردود اتفاقا كما ذكره العضد تبعا لابن الحاجب.

صاحب المتن: وقد قبله مالك مطلقا، وكان إمام الحرمين يوافقه مع مناداته عليه بالنكير.

الشارح: «وقد قبله» الإمام «مالك مطلقا» رعاية للمصلحة حتى جوز ضرب المتهم بالسرقة ليقر. وعورض بأنه قد يكون بريئا وترك الضرب لمذنب أهون من ضرب بريء.

«وكاد إمام الحرمين يوافقه مع مناداته عليه بالنكير» أي قرب من موافقته ولم يوافقه.

المحشي: قوله «أي قرب من موافقته» أي من جهة أن كلا منهما اعتبر المصالح المرسلة وهي ما لم يعلم من الشرع اعتبار ولا إلغاؤه، إلا أن إمام الحرمين قيد ما اعتبره منها بكونها مشبهة لما علم اعتباره شرعا، ومالك لم يقيد به. والذي أنكره إمام الحرمين عليه هو عدم التقييد.

صاحب المتن: ورده الأكثر مطلقا وقوم في العبادات، وليس منه مصلحة ضرورية كلية قطعية، واشترطها الغزالي للقطع بالقول به، لا لأصل القول به، قال: «والظن القريب من القطع كالقطع».

الشارح: «ورده الأكثر» من العلماء «مطلقا» لعدم ما يدل على اعتباره.

«و» رده «قوم في العبادات» لأنه لا نظر فيها للمصلحة بخلاف غيرها كالبيع والحد.

«وليس منه مصلحة ضرورية كلية قطعية» لأنها مما دل الدليل على اعتبرها فهي حق قطعا.

المحشي: قوله «وليس منه» أي من المرسل. قوله «لأنها مما دل الدليل على اعتبارها» الدليل هو: أن حفظ الكلي أهم في نظر الشرع من حفظ الجزئي.

الشارح: «واشترطها الغزالي للقطع بالقول به، لا لأصل القول به» فجعلها منه مع القطع بقبولها، قال: «والظن القريب من القطع كالقطع فيها. مثالها: رمي الكفار المتترسين بأسرى المسلمين في الحرب المؤدي إلى قتل الترس معهم إذا قطع أو ظن ظنا قريبا من القطع بأنهم إن لم يرموا استأصلوا المسلمين بالقتل الترس وغيرهم، وبأنهم إن رموا سلم غير الترس فيجوز رميهم لحفظ باقي الأمة بخلاف رمي أهل قلعة تترسوا بمسلمين، فإن فتحها ليس ضروريا ورمي بعض المسلمين من السفينة في البحر لنجاة الباقين، فإن نجاتهم ليس كليا أي متعلقا بكل أمة ورمي المتترسين في الحرب إذا لم يقطع أو لم يظن ظنا قريبا من القطع باستئصالهم المسلمين فلا يجوز الرمي في هذه الصور الثلاث وإن أقرع في الثانية لأن القرعة لا أصل لها في الشرع في ذلك».

المحشي: قوله «واشترطها الغزالي» أي اشترط تلك الأمور الثلاثة في المصلحة. قوله «به» أي بالمرسل.

قوله «فجعلها منه ... الخ» أي ويمنع قول غيره: إنها مما دل الدليل على اعتباره، ويريد بالدليل الدليل الخاص.

Page 222