Hashiya Cala Mukhtasar Macani
حاشية الدسوقي على مختصر المعاني
Investigator
عبد الحميد هنداوي
Publisher
المكتبة العصرية
Publisher Location
بيروت
Genres
وأما الأخذ والانتهاب فأمر يرتاح له اللبيب، فللأرض من كأس الكرام نصيب، ...
===
العلماء الشبيهين بالمطايا الحاملين لأسرار هذا الفن، والمقصد من هذا التركيب الإخبار بأن أسرار هذا الفن وعلماءه قد ذهبوا، بل ذهبت مواضعهم كذلك.
(قوله: وأما الأخذ ... إلخ) أما تفصيلية مقابلها محذوف دلّ عليه مضمون الكلام السابق، أعنى قوله: (علما ... إلخ)، والواو عاطفة على ذلك المحذوف، والأصل:
أما ما ذكرتم من تقاصر الهمم فذلك مما يرغب فى الاختصار ويحمل عليه، لولا أنى أعلم أن مستحسن ... إلخ، وأما الأخذ والانتهاب فليس مما يحمل على الاختصار؛ لأنه أمر يرتاح ... إلخ، والحاصل: أنهم عللوا طلب الاختصار منه بأمرين: تقاصر همم المحصلين، والأخذ والانتهاب، فأجابهم بأن ما ذكرتموه من مجموع الأمرين لا يقتضى الاختصار؛ فوقع فى ذهن السامع السؤال من ذلك النفى، فأجاب بقوله: أما التقاصر ... إلخ، وكثيرا ما يحذف المجمل المفصل ب" أما" ومعادلها، ويصح جعل" أما" لمجرد التأكيد والواو للاستئناف حينئذ، وسكت عن المسخ الصادر منهم؛ لأنه غير واقع فى شرحه بل فى عبارتهم؛ فلذا لم يحتج للاعتذار عنه.
(قوله: يرتاح) أى: يفرح وينبسط له اللبيب أى كامل العقل الذى وقع الأخذ من كلامه لا الآخذ؛ وذلك لأن العاقل لا يرضى بالأخذ من كلام الغير ويرضى بكون الغير يأخذ من كلامه؛ لما فيه من الرفعة والثواب، وإذا كان أمرا يرتاح له اللبيب فلا يطلب قطعه بالاختصار؛ لأنى لو وضعت مختصرا لالتفت الناس إليه وأعرضوا عن تأليف المنتحلين، وإذا فات المنتحلين مرجوّهم من إقبال الناس على تأليفهم تركوا الانتحال.
(قوله: فللأرض ... إلخ) هذا شطر بيت مأخوذ من قول بعضهم
شربنا شرابا طيّبا عند طيّب ... كذاك شراب الطّيّبين يطيب
شربنا وأهرقنا على الأرض جرعة ... وللأرض من كأس الكرام نصيب
لكن الشارح أبدل الواو بالفاء لكونه جعله علة لما قبله، وفى الكلام تشبيه الشارح نفسه بالكرام، ونفس" المطوّل" بالكأس، والمنتحلين بالأرض، فمفردات التركيب
1 / 46