معي علم الكابيان الذي
به أرتجي أن أسود الأمم
فقل لبني هاشم أجمعين
هلموا إلى الخلع قبل الندم
ملكناكم عنوة بالرما
ح طعنا وضربا بسيف حذم
وعلى العموم حارب الفرس العرب بالشعوبية من طرق مختلفة: من طريقة وضع شأن العرب بما ألفوا من الكتب، ومن عيبهم آلاتهم في الحرب، ووضعهم الكتب في مناقب العجم، ومثالب العرب، وكثرت في هذه الآونة الكتب المعروفة بكتب المثالب، ووضع القصص الشنيعة في مثالب العرب، ومفاخر الفرس ... إلخ.
المدن الزاهرة
وإلى جانب بغداد كانت مدن أخرى عامرة زاهرة - وإن كانت أقل منها - وهي أيضا يتدفق المال فيها، وإن كان تدفقا أقل من تدفقها في بغداد، فقد جرت العادة أن تصرف المدينة على نفسها، وعلى ما يتبعها، وعلى عمارة ما خرب منها، ثم يرسل الباقي إلى الخليفة في بغداد، فمن أهم المدن في عصر الرشيد: البصرة، عني العرب بتخطيطها فجعلوا شارعها الأعظم ستين ذراعا، وجعلوا عرض كل زقاق سبعة أذرع، وجعلوا أوسط كل خط ميدانا فسيحا لمرابط خيولهم، وقبور موتاهم، وقد اشتهرت بالتجارة الواسعة بين الهند والصين والمغرب والحبشة.
واشتهر أهل البصرة كذلك بالأسفار البحرية حتى قالوا: «أبعد الناس نجعة في الكسب بصري»، وبالغ الواصفون في كثرة أنهارها، وكثرة الزوارق فيها، ولعلهم لكثرة ما رووا من عدد الأنهار أنهم كانوا يعدون الجداول أنهارا، واشتهرت بالنخيل الكثير المتعدد الأنواع إلى يومنا هذا، واشتهرت كذلك من مدن العراق الكوفة، وقد عرفت بتشيعها؛ لأن الإمام عليا جعلها عاصمة خلافته إلى أن قتل، وناظرت الكوفة البصرة في المذاهب النحوية، فكان للكوفيين مذهب وللبصريين مذهب، وكان بينهما خلافات كثيرة ... وكل يدلي بحجته، كذلك اشتهرت مذاهب المعتزلة البصريين، ومذاهب المعتزلة من غيرهم، وقد كان منشأ مدرسة الاعتزال هي البصرة في حلقة من حلقات الحسن البصري. •••
Unknown page