النظام الاجتماعي في عهد هارون الرشيد
(1) التقاليد الفارسية
انقلب النظام الاجتماعي الأموي في العصر العباسي رأسا على عقب؛ فبعد أن كانت الدولة الأموية تقيم نظامها على العنصر العربي والدم العربي، أصبحت الدولة العباسية تقيم أساسها على الدم الفارسي والتقاليد الفارسية؛ ولذلك قال الشاعر:
إن أولاد السراري
كثروا يا رب فينا
رب أدخلني بلادا
لا أرى فيها هجينا
وكان الخلاف بين الأمين والمأمون في الحقيقة خلافا بين عنصرين: عنصر العرب، وعلى رأسه هرثمة بن أعين، وعنصر الفرس، وعلى رأسه طاهر بن الحسين، ولكن مهما اختلف العنصران فقد تمازجا، وتزوج العرب بالفرس، والفرس بالعرب، ونشأت حركة عنيفة تسمى حركة الشعوبية تنادي بتساوي الأجناس، وساعد على ذلك كثرة السراري، والإماء اللاتي كن يملأن البيوت، فكان كل رجل يتزوج بحرة أو حرتين إلى أربع، وتحت يده من شاء من الجواري بملك اليمين، وهؤلاء الجواري كن أكثر حرية؛ بفضل تعرضهن للبيع والشراء، والانتقال من يد إلى يد عكس الحرائر، وذلك عكس المظنون؛ فقد كان المظنون أن تكون الحرائر أكثر حرية، كما ساعد على ذلك أيضا كثرة العلماء من الموالي، ونفورهم من سيادة العرب عليهم.
تعدد الزوجات
ولكن مع الأسف كان تعدد الزوجات وكثرة الجواري سببا في انحلال البيوت؛ فقد كان هذا النظام محمودا يوم كان مرتبطا بالجهاد؛ مما أدى إلى كثرة النساء دون الرجال، واقتضى ذلك اختصاص عدد من النساء برجل واحد، ولكن لما قل الجهاد أو بطل على توالي الزمان، وظل التشريع كما هو نتج عن ذلك انحلال الأسر.
Unknown page