141

Harakat Tarjama Bi Misr

حركة الترجمة بمصر خلال القرن التاسع عشر

Genres

استعان محمد علي باشا في بداية عهده بالسوريين، ولعل الأب روفائيل (الذي ورد ذكره من قبل ) يعتبر من أوائل من تولوا مهمة الترجمة في الديوان العالي، وهو الذي وضع معجما عربيا إيطاليا، وترجم بناء على أمر من الوالي كتاب «الأمير» لنيقولاوس ماكيافيللي الإيطالي، وتدل ترجمته على أنه حرص على حفظ المعاني، ولو أنه استعمل العبارات الركيكة التي كان استعمالها شائعا في هذه الفترة، وننشر هنا نموذجا من ترجمته:

46

Ceux qui desirent acquerir la gràce de quelque prince ont accoutume de se présenter a lui avec ceux de leurs biens qu’ils present le plus ou auxquels ils voient qu’il prend le plus de plaisir. D’ou vient que bien souvent on leur voit étre fait present de chevaux, armes, draps d’or, pierres precieuses, et de semblables ornements dignes de leur grandeur .

Desirant done m’offrir à Votre Magnificence avec quelque temoignage de ma servithde, je n’ai rien trouvé parmi toutes les hardes que j’estime tant que la connaissance des actions des grands personnages, laquelle j’ai apprise par longue experience des choses modernes et lecture continuelle des antiques .

إنه لقد يعتاد في غالب الأوقات أولئك الذين يرغبون نعمت عند الأمير أن يتقدموا له بتلك الأشياء التي فيما بين ما يمتلكونه أعز ما عندهم أو التي يرون أنها تسره أكثر من غيرها، ومن ثم فقد يشاهد مرارا كثيرة أنها تتقدم بخيل وأسلحة وأقمشة من المقصبات ومن الأحجار الثمينة، وما دنا هي ذلك مما للزينة تنتاحلها عظمة أولئك، أعني الأمراء، وإذ ذاك إذ كنت أرغب أنا أن أقدم ذاتي لعظمتكم مع بعض ما من الشواهد لخدمتي نحوها فما وجدت ما بين أمتعتي شيئا مما عندي من الأعز، أو مما أعتبره بهذا المقدار بقدر ما هي خبرة أفعال الرجال المعظمين تلك التي قد تعلمتها بتجربة مستطيلة في الأشياء المستجدة، وبمطالعة متصلة في الأمور القديمة.

ولم تظهر الصعوبة في ترجمة النصوص الأدبية بمقدار ما ظهرت بوضوح عندما قام المترجمون بترجمة الكتب المدرسية في مختلف العلوم والفنون. فإن مصر في صدر هذا العصر كانت خلوا من العلوم الحديثة «فعانى المترجمون كثيرا في الاضطلاع بمهمتهم العسيرة، ومهما يكن من شيء فإن هذه الحركة كانت أول ما دعا في صدر هذه النهضة الحديثة إلى مراجعة معجمات اللغة والكتب الفنية القديمة كمفردات ابن البيطار لاستخراج المصطلحات العلمية، وإذا كانت قد غلبتهم الألفاظ الأجنبية في كثير من الأحيان فإن لهم الفضل على كل حال في البدء بعقد الصلة بين لغة العرب القديمة وبين علم الغرب الحديث، ولقد كان سعي المترجمين في هذا شاقا مضنيا على أنهم قد استطاعوا بسعة العلم وقوة الصبر والإخلاص لوجه النهضة ما يكاد يضاف إلى جملة المستحيل، وآثارهم في هذا الباب ما برحت قائمة إلى الآن، وما زالت تبعث إلى الفخر بهم على كل لسان، وإذا كنا اليوم نحمد للغتنا تقدمها ووفاءها بكثير من مطالب الحياة في أسبابها الحديثة ، فإنما نحن مدينون لأولئك الأسلاف بالقسط الأعظم من هذا الفضل العظيم.»

47

ونختص بالذكر الشيخ رفاعة بك رافع الذي بذل مجهودا جبارا في ترجمة الكتب المدرسية، وتصحيح معظم أعمال المترجمين في قلم الترجمة علاوة على إشرافه على تعليم التلاميذ في مدرسة الألسن.

ولم تكن جميع ترجمات رفاعة بك سواء في الدقة والقيمة الأدبية، وهذا أمر طبيعي بالنظر إلى مشاغله الكثيرة. فقد علمنا مثلا أنه ترجم جزءا من جغرافية (مالطبرون) في أسابيع معدودة، وكانت الحال تقتضي هذا الإسراع، فاضطر رفاعة بك إلى ترجمتها على عجل، ولا بد من الإشارة إلى أن ترجمته للكتب المدرسية لم تكن مقياسا لبراعته في فن الترجمة، وإلمامه التام بأسرار اللغتين العربية والفرنسية. فإذا كان لا بد من ذكر نموذج من ترجمته فسنقتبس هذا النموذج من الكتاب الذي قام بترجمته وهو منفي في الخرطوم، وهذا الكتاب هو رواية فلسفية

Le Télémaque

Unknown page