315

فقال ضاحكا: موعظة مناسبة لمقدم الليل.

فأغمضت عينيها مرهفة السمع حتى وضح زفيف الريح، وسمع هطول الأمطار فوق النوافذ المغلقة.

44

سرعان ما صارت زينات الشقراء عشيقة لجلال عبد ربه الناجي. دهش الناس ولكنهم قالوا هو خير على أي حال من سيئ الذكر وحيد. وتجنبها عشاقها القدامى فأصبحت له وحده. علمته كل شيء. انضمت إلى تحف الدار قرعة مذهبة وجوزة مدندشة. لم يأسف على شيء، وقال إن للحياة مذاقا لا بأس به. وأحبته زينات حبا ملك عليها نفسها، وداعبها حلم غريب أن تصبح حليلة له ذات يوم. ومن عجب أن حبه القديم لقمر بعث أيضا كذكرى خالدة مفعمة بالعذوبة. أدرك أنه لم يهجره أبدا. لا شيء يزول، ولا حب أمه، سيظل مدينا لرأس أمه ووجه قمر بمعرفة مأساة الحياة، ولحن الحزن الخافت التردد تحت سطح الأنوار الباهرة والانتصارات المتألقة. ولم يعرف لزينات عمرا، لعلها تماثله في عمره أو تكبره، وسيظل ذلك سرا. وقد تعلق بها، أهو حب جديد؟ وتعلق بالقرعة والجوزة. إنه مدين لها أيضا بمفاتن جوهرية مثيرة للفرح والقلق، ولا يرى بأسا من التسليم للتيار.

45

ورأى أباه «المعلم» عبد ربه يخلو إليه باهتمام، ويسأله: لم لا تتزوج؟ أليس الحلال أفضل من الحرام؟

فلم يحر جوابا، فقال عبد ربه: ولتكن زينات كما فعل عاشور.

فهز رأسه منكرا، فقال الأب: على أي حال لقد صدقت عزيمتي أنا على الزواج!

فقال جلال بذهول: إنك يا أبي في الستين! - لم لا؟!

وضحك عبد ربه، ثم قال: صحتي حسنة بالرغم من كل شيء، واعتمادي بعد الله على المعلم عبد الخالق العطار. - ومن العروس؟

Unknown page