41
ويوما ما سأله أخوه راضي ولعله كان صديقه الوحيد: لم لا تتزوج يا أخي؟
فضحك جلال ولم يجب، فراح راضي يقول: الأعزب موضع تساؤل دائما.
فسأله ساخرا: لم الزواج يا راضي؟ - إنه المتعة والأبوة والخلد.
فضحك جلال عاليا وقال: ما أكثر الأكاذيب يا أخي!
فتساءل راضي: لمن تجمع هذه الأموال؟
يا له من سؤال! أليس الأجدر بمثله أن يحيا حياة الدراويش؟ ها هو الموت يطارده دائما. ها هو رأس زهيرة ووجه قمر يتجسدان من جديد. لن تنفعه القلعة والنبوت. سيذوي بهاء هذا الجمال المتألق، ستقوض أعمدة هذه القوة الشامخة، سيرث المال قوم آخرون وهم يغمزونه بالسخريات، ستعقب الانتصارات الباهرة هزيمة أبدية.
42
على أريكة الفتونة يتربع في المقهى. تمثال من الجمال والقوة يبهر الأنظار ويهز القلوب. تتكاثف الظلمات في جمجمته لا يدري بها أحد. يتسلل شعاع إلى الظلمات في صورة بسمة متألقة بالتحية والإغراء. بسمة تترك أثرا في الظلام. من هذه المرأة؟ امرأة من بنات الهوى، تقيم في شقة صغيرة فوق بنك الرهونات، يعشقها الوجهاء. تحييه كلما مرت التحية اللائقة بسيد الأحياء.
لا يرفض التحية ولا يستجيب لها، ولا ينكر أثرها الملطف لعذاباته. متوسطة التكوين، ريانة الجسد، جذابة الملامح. زينات. ولأنها تصبغ شعرها بلون الذهب دعيت بزينات الشقراء. لا ينكر أثرها الملطف لعذاباته، ولكنه لا يريد أن يستجيب لها. طالما كبحت شهواته تحت ضغط انهماكه في القتال، والبناء، وجمع المال، ومعانقة الملل.
Unknown page