فاجتاحه تيار سماوي من الأفراح أخرسه.
واقترح راضي أن تعلن الخطوبة فورا على أن تؤجل الدخلة لما بعد الحداد.
ولم يعد في الإمكان أن تقتلع هذه اللحظة من ذاكرة جلال إلى الأبد.
22
وما كاد يمر شهران على الخطبة حتى طالب جلال بإلحاح بعقد القران بلا حفل، على أن تؤجل الدخلة والحفل حتى ينتهي عام الحداد. وتم له ما أراد.
كأنما أراد أن يستحوذ على الطمأنينة ويمحق الأوهام، وأن يبتدر حظه مغلقا الأبواب في وجه القوى المجهولة. صار بذلك «الرجل السعيد». وشهدت الأيام أقصى درجة من الثراء في سجاياه الحميدة. حتى أبوه السكير لم يعد يحاسبه. ودلل عماله وذويهم. وترنم بالغناء، وهو يعمل وهو يتابع مصارعة الديوك. ازدهر جماله وتضخمت قوته. وسهر الليالي بالساحة يستمع الغناء ويبتهل الدعاء.
وتردد على عروسه محملا بالهدايا، ومنها تلقى مسبحة من القهرمان ينتظمها سلك من الذهب هدية معطرة. غدت حياته وأمله وسعادته ورؤيته الذهبية.
رآها أجمل خلق الله رغم أن كثيرين نوهوا بتفوق جماله الباهر، ولكن عذوبتها فاقت كل الحدود.
وتراجعت ألفت هانم عن فتورها فأبدت الرضا والألفة، ونعتته بالابن الطيب، وشرعت ترسم للمستقبل صورة جديدة، مقترحة عليه مشاركة راضي في محل الغلال مستعينا بمال قمر.
ومرة قال جلال لقمر: لقد تجلت عظمة آل الناجي في أشياء وأشياء، ها هي تتجلى اليوم في الحب.
Unknown page