أسفت لأنها لم تستمتع بالفتونة إلا ساعات. تقول الحاسدون - وما أكثرهم - بأن زيجتها الجديدة صادفت مصيبتين وجرت ست مصائب.
صادفت موت رمانة وانتحار رئيفة. وجرت القضاء على محمد أنور، وتطليق أربع نساء، ومصرع نوح الغراب؛ فأي شؤم يسير بين يدي هذه المرأة الجميلة التي لا يقف طموحها عند حد! اكتأبت لذلك، ولكنها صرفته عن بالها بإرادة من حديد. وحسبت الثروة التي ستئول إليها ببهجة عميقة استقرت تحت قشرة الحداد. سرعان ما أفاقت من الصدمة فغمرها الارتياح. ها هي تتمتع ببعض جاه الفتونة دون أن تؤدي ثمنها لرجل لم تشعر نحوه بأي عاطفة طيبة قط.
الأجدر أن تعترف بأنه قتل في اللحظة المناسبة قبل أن ينتهك حرمة جسدها الجميل. وإنه لقي الجزاء الذي يستحقه كل طاغية قذر. وأي امتهان كان يلحق بالناجي العظيم إذا استسلمت حفيدته الرائعة لمجرم فاسد في لباس فتوة؟ وقالت إنه لا ملامة عليها إلا إذا ليمت ريح أبية لاقتلاع شجرة خاوية نخرها السوس.
66
وجرى همس متوتر بأن المأمور فؤاد عبد التواب يكمن وراء التدبير المحكم الذي انتهى بهلاك نوح الغراب، وأنه أزاحه من طريقه لا دفاعا عن الأمن، ولكن طمعا في الاستحواذ على زوجته الفاتنة زهيرة.
وضاعف من سوء الظن به تدخله العجيب لمنع اختيار فتوة جديد للحارة، فمضت الحياة في الحارة بلا فتوة يضبطها لأول مرة في حياتها الطويلة العريقة، وشعر الناس بمذلة لم يشعروا بمثلها من قبل.
وتساءل المتسائلون متى يحسر المأمور القناع ويتقدم للزواج من زهيرة؟!
67
واستأذن شيخ الحارة في مقابلتها. أدركت في الحال ما وراء المقابلة. بدت فاترة حيال المأمور. إنها اليوم أغنى من المأمور وقسمه جميعا. عزيز سماحة الناجي لؤلؤة ثمينة صالحة لتتويج أحلامها. عيبه أنه سيد محترم نبيل ورث عن جده نبله دون قوته وجرأته. لقد عشق الجد ذات يوم امرأة يتنافس فيها ابناه، فأدب الابنين وتزوج المرأة! أما عزيز فعاشق يكتم الحب، ينطوي عليه، يتجنب الخطأ، ويتوغل في العمر. ربما كان بوسعها أن تسحره وتملكه، ولكن ما جدوى ذلك وثمة رجل عنيد مجرم - المأمور- لا يتورع عن أن يدبر لعزيز مثلما دبر لنوح الغراب؟!
آه يا نسمة الأمل المضيء الهائمة فوق السحاب!
Unknown page