قال: يسرني أن أقابلك يا معلم. الفتوة في الواقع من رجال الأمن! - تشكر يا حضرة المأمور. - والفتوة هو فارس الحارة وحاميها أيضا، هو المروءة والشهامة، يد الشرطة وعينها في مجاله، هكذا تقدركم الداخلية.
فكرر وقلقه يتكاثف: تشكر يا حضرة المأمور.
فقال بحزم يتناقض مع مجاملاته: لذلك أتوقع أن يجد المعلم محمد أنور الأمن في كنفك.
فاحمر وجه الرجل وتساءل: هل شكاني إليك؟ - لي وسائلي في معرفة الأخبار، وهبه لجأ إلي فهذا من حقه، ومن واجبي أن أوفر له الأمن، ولكني أقنع بمطالبتك بذلك!
وفصل بينهما صمت. أدرك أن المأمور يحذره وينذره بأسلوب لطيف.
ولما طال الصمت سأله المأمور: ما قولك؟
فقال نوح الغراب بهدوء مريب: نحن أول من يحترم القانون.
فقال المأمور بحزم: أعتبرك مسئولا عنه!
54
لم يحدث شيء كهذا من قبل في الحارة. لم يكن يدخلها شرطي إلا عند الضرورة القصوى، وكافة جرائم الفتوة تنسب عادة إلى مجهول حيال تصميم شهود الزور. فهل يفعل المأمور فؤاد عبد التواب ما لم يفعله غيره إذا عثر على جثة محمد أنور تحت القبو أو في الممر؟ وكيف واتت الجرأة محمد أنور على الاستغاثة بالمأمور؟ وكيف قبل المأمور أن يتحدى نوح الغراب بأسلوبه اللزج ؟ وبدا لأول مرة أن مأمورا يضع نفسه في كفة ميزان واحد مع فتوة، مخاطرا بهيبته المزركشة!
Unknown page