في عشية الزفاف زارته أم زهيرة لتشكره. تفرس في وجهها بحب استطلاع. عجوز تشي مخلفاتها بجمال دابر. رمقها بحنق خفي. قال: كل شيء على ما يرام؟ - بفضل الله وفضلك. - ألم تتعجلي؟
فقالت بتسليم: فاتحتها مقروءة منذ مولدها.
ومضت وهو يلعنها في سره. وتساءل محزونا لم لا نفعل ما نشاء؟!
14
زفت زهيرة إلى عبد ربه الفران في حفل متواضع. لم يرها مذ كانت في السادسة، ولكنه اعتاد أن يعتبرها حليلته. ولما رآها ليلة الدخلة صعقه جمالها، ولكنه كان مشحونا بتعاليم وتقاليد أوجبت عليه التظاهر بالثبات والسيادة. كان فوق العشرين بعام، طويلا مفتول العضلات، ذا سحنة شعبية صميمة بنتوء خديه وفطس أنفه وغلظ شاربه. حليق الرأس مثل زلطة عدا ذؤابة نافرة في المقدمة. صلى ركعتين، واتخذ من الخشونة إهابا يخفي به عذوبة الأعماق.
أعجبت برجولته، استنامت إلى حرارته، سلمت به مثل قدر.
وجدت نفسها في بدروم مكون من حجرة ودهليز يستعمل مطبخا وحماما. وتذكرت الفردوس المفقود، ولكن غريزتها همست بأنه كان فندقا للعبور لا للإقامة، وأنها كانت به ضيفة، أما هذا البدروم فهو بيتها ومصيرها، فيه ملكت رجلا، وحققت حلما، واطمأن القلب.
15
وتمكن الحب من قلبه فكاد يهتك ستره، ولكنه غلا في إظهار الرجولة.
وحتى قبل أن ينتهي الشهر الأول سألها: هل تقبعين في البيت كما تفعل الهوانم؟
Unknown page