259

فصل في الكلام في الصبر على البلية

اعلم أن حقيقة الصبر على البلية هو الرضا بالقضا، وترك السخط منه والشكا، وأما من ابتلي ببلاء فلم يرض به وسخط منه وشكاه فليس ذلك بصابر، وقد روي عن جعفر بن محمد عليهما السلام: (أنه وفد عليه شقيق البلخي فقال له: من أين أتيت؟ فقال: من خراسان. فقال: كيف التوكل هنالك؟ قال: إذا رزقوا أكلوا، وإذا منعوا صبروا. فقال جعفر بن محمد عليهما السلام: هكذا كلاب المدينة عندنا إذا رزقت أكلت، وإذا منعت صبرت، فقال شقيق: فكيف هو عندك يا ابن رسول الله؟ قال: التوكل عندنا إذا رزقنا آثرنا، وإذا منعنا شكرنا). فدل كلامه على أن من لم يرض بالبلية فليس بصابر عليها؛ لأن الكلاب لا ترضى بالمنع، ولا فضل لمن لم يجد بدا من الصبر فصبر وهو غير راض به، وهذه صفة البهائم. وإنما الصابر من رضي بالبلية، ورجا ثوابها من الله، ولم يشك ما أصابه إلى المخلوق.

Page 332