Haqaiq Macrifa
حقائق المعرفة
Genres
فصل في الكلام في أصل التوحيد وحقيقته
اعلم أن أصل التوحيد وحقيقته هو إثبات الصانع، ونفي كل صفة نقص عنه. وقد قدمنا الكلام في إثبات الصانع، وهذا موضوع نفي صفات النقص عنه، فنقول:
إن كل صفة نقص لا تجوز على الله لا في دنيا ولا في آخرة؛ لأنه إذا كانت فيه صفة نقص كان عاجزا، وإذا كان عاجزا لم يكن قادرا حكيما، والله يتعالى عن ذلك.
فمن صفات النقص أن يكون والدا أو مولودا، أو يكون له صاحب أو صاحبة أو حد أو ضد أو ند، أو يكون معه سواه في القدم، أو يكون في مكان، أو يكون حالا أو محلولا، أو يكون له جوارح وأعضاء من يدين وجنب، ووجه وعينين، أو أنه يرى في دنيا أو آخرة، أو يدرك بحاسة أو وهم أو ظن، وإذا كان بهذه الصفات كان مشبها للمحدثات ولم يكن مستحقا للمدح، فتعالى الله عن ذلك، بل تمدح بأنه لا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء، فقال تعالى: {ليس كمثله شيء }[الشورى:11]، فلو كان والدا لكان مولودا، وإذا كان مولودا ثبت أنه محدث، وإذا كان محدثا كان مصنوعا.
Page 160