Haqaiq Islam
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
Genres
فإذا تركنا هذه الطلاقة في بيدائها الغافلة عنها، وبحثنا عن حرية الحقوق في حكومة من حكومات الجاهلية لم نجد ثمة إلا استبدادا بالأمر كأشد ما عرف الاستبداد في دولة من دول الطغيان ذوات الصولة والصولجان؛ فقد كانت القدرة على الظلم قرينة بمعنى العزة والجاه في عرف السيد والمسود من أمراء الجزيرة من أقصاها في الجنوب إلى أقصاها في الشمال. وما كان الشاعر النجاشي إلا قادحا مبالغا في القدح حين استضعف مهجوه لأن:
قبيلته لا يغدرون بذمة
ولا يظلمون الناس حبة خردل
وما كان حجر بن الحارث إلا ملكا عربيا حين سام بني أسد أن يستعبدهم بالعصا، وتوسل إليه شاعرهم عبيد بن الأبرص حيث يقول:
أنت المملك فوقهم
وهم العبيد إلى القيامة
ذلوا لسوطك مثلما
ذل الأشيقر ذو الخزامة
وكان عمرو بن هند ملكا عربيا حين عود الناس أن يخاطبهم من وراء ستار، وحين استكثر على سادة القبائل أن تأنف أمهاتهم من خدمته في داره.
وكان النعمان بن المنذر ملكا عربيا حين بلغ به العسف أن يتخذ لنفسه يوما للرضى يغدق فيه النعم على كل قادم إليه خبط عشواء، ويوما للغضب يقتل فيه كل طالع عليه من الصباح إلى المساء.
Unknown page