كان التقاطع الموجود أمام جونزاليس والروبوت تميزه أضواء حمراء وامضة على نحو متقطع، ومن وراء المنعطف تناهت أصوات أشياء صغيرة متحركة. سأله جونزاليس: «ما هذا؟»
قال الروبوت: «اتبعني. علينا ألا نعبر هذه العلامة، لكن يمكننا أن نقف ونشاهد.»
كانت مجموعة كبيرة من الروبوتات، كلها مطابق لذلك المصاحب لجونزاليس، تملأ الرواق خلف المنعطف. كان بعضها يحاول أن يشق طريقه عبر متاهات مصطنعة من قطع الأثاث والخردة المكومة والأسلاك والزوايا الحديدية وما شابهها من أشياء، بينما كان البعض الآخر يساعد الروبوتات العالقة في أجزاء المتاهة. في الوقت ذاته عكف بعض الروبوتات على نقل قطع المتاهة من جانب إلى آخر. ووسط الأذرع المتحركة والمعادن المتلاطمة، كانت الروبوتات تجاهد في صبر، دون جدوى في أغلب الأحيان. ذكر هذا المشهد جونزاليس بأفلام القرن العشرين القديمة التي تسخر من خطوط التجميع والروبوتات والآلات عموما.
قال الروبوت: «حضانة. هذه المجموعة اقتربت من إكمال تعليمها. وهذا ...» - ثم أشار بإحدى أذرعه إلى الروبوتات العالقة - «متطلب أساسي للتدريب. ومثلما يتعين على الأطفال الصغار تحقيق النضج في نموهم، عليهم أيضا تعلم أساسيات الإدراك والحركة والتآزر. في الوقت عينه فإنهم يستظهرون عشرة آلاف من البديهيات المنطقية، وبعد ذلك يمكنهم تنمية قدراتهم اللغوية، وفي الوقت الحالي هم يمتلكون مفردات يبلغ عددها نحو ألف كلمة من الحديث المحاكي.»
سأله جونزاليس: «ماذا عن التفكير؟ أين يتعلمون عمل ذلك؟» «يأتي هذا لاحقا، إذا أتى من الأساس. ففي نظر بعضها، كما لدى البشر، يكون التفكير أقل الأشياء التي يفعلها العقل في الأهمية.»
شاهد الاثنان ما يحدث لبعض الوقت، ثم قال جونزاليس: «لا أحتاج أي رفقة.» ثم سار بعيدا، وحين نظر وراءه رأى الروبوت وقد ظل ساكنا دون حراك.
خلد جونزاليس إلى النوم بسرعة، وقد أراحه التفكير في الروبوتات المنشغلة في مدرستها.
الفصل الثالث
مدينة هالو
قاد أفراد من طاقم عمل مدينة هالو، يرتدون أزياء موحدة زرقاء من قطعة واحدة، كلا من جونزاليس وديانا عبر البيئات المنخفضة الجاذبية عند بوابة هالو الصفرية، ثم إلى مصعد في محور الشعاع السادس؛ حيث كانت تنتظرهما تيا شوالتر، مديرة مجموعة سينتراكس في هالو، ومساعدها هورن. كان المكوك قد وصل إلى هالو منذ ساعة، في وقت متأخر من الظهيرة بالتوقيت المحلي، وكان ركابه ينتظرون في صبر أثناء مروره بإجراءات الهبوط والتحقق، وكلهم متلهفون لمغادرة المكوك بعد أن قضوا أسبوعا في قطع المسافة الطويلة من محطة أثينا إليه.
Unknown page