Hallaj
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
Genres
والحب أساس الأحوال الصوفية، وقد اعتبر - كما يقول السهروردي - أساسا للأحوال، كالتوبة بالنسبة إلى المقامات، فمن صحت توبته على الكمال، تحقق بسائر المقامات، من الزهد والرضا والتوكل، ومن صحت محبته، تحقق بسائر الأحوال، من الفناء والبقاء والصحو والمحو.
4
ومن الحب تنشأ المعرفة والمشاهدة، ولذة المعرفة والمشاهدة، وفي الحب يتمتع المحب بالجمال المقدس، ويا له من جلال وجمال! ونشوة الحب الكبرى، تسمى سكرا، والسكر علامة الصدق في الحب، وهو نشوة روحية لا يمكن تصورها إلا بالتجربة، كما يقول الإمام الغزالي؛ ولذلك قالوا: «من ذاق عرف.»
5
وهذا السكر الروحي، حدقة يرى بها الصوفي، حقيقة الكون، وسر الخلق، يقول معروف الكرخي: «إذا انفتحت عين بصيرة العارف نامت عين بصره، فلا يرى إلا الله.»
ونهاية السكر هو الفناء، وفيه يغني المحب عن الموجودات، ويتجه بكليته لمطالعة وجه المحبوب.
والفاني كما يقول الصوفية: لا يحس بما حوله، ولا يحس بنفسه، فقد فنى عما سوى الله، ومن هنا جاء كلام الصوفية الذي لا يفهمه ولا يتذوقه سواهم، حينما يقولون، في نشوة الفناء، ووقدة الحب: «ليس في الوجود إلا الله.»
إنها تجربة عليا، تجربة ذاتية في عالم الروح والسر، تجربة كان أقوى وأجرأ من تحدث عنها الحلاج حينما بلغ الذروة العليا لمقام الفناء، أو مقام الاتحاد، وحينما ابتدع الحلاج من هذا المقام معارف صوفية، تتحدث عن وحدة الأديان، والنور المحمدي، ووحدة المحب والمحبوب.
ويأتي بعد مقام الفناء، مقام البقاء، ويأتي بعد الوحدة، مقام الجمع، وبعد الجمع، مقام التفرقة.
ومقام الجمع، هو رؤية الحق بلا خلق، وهي حالة وجدانية، أو حالة دهشة وغيبة، مع فقدان الإحساس بالأشياء وبالنفس.
Unknown page