فعلى سبيل المثال، نجد أحداث حلقة «اعترافاتي»، تتحدث عن زواج حافظ بالكونتيس سيجريس عندما كان متنكرا في شخصية البارون في مكتب الأستاذ فاتيكا المحامي بشارع الساحة بتاريخ 1 / 2 / 1909! وهذا التفصيل الموثق غير موجود في كتاب الاعترافات! هذا بالإضافة إلى أن تاريخ الزواج غير مذكور في كتاب الاعترافات، بل إن هذا التاريخ دليل كبير على العبث في «اعترافات حافظ نجيب»؛ لأن تاريخ الزواج كان في عام 1909، علما بأن كتاب الاعترافات يثبت أن زواج حافظ بالكونتس وانفصاله عنها كان قبل دخوله الدير في عامي 1907، 1908! فأي الأمرين نصدق؟! ونقطة أخرى مهمة، أن أحداث حلقة «اعترافاتي» بها قصص عن علاقة حافظ نجيب بامرأتين؛ الأولى لويزة فلورانجي، والأخرى مادلين، وكان حافظ متنكرا في شخصية رجل يدعى محمد صبحي، وهذه الأحداث كلها لا يوجد لها أي أثر في كتاب الاعترافات؟!
فهل قام أحد المقربين من حافظ نجيب، بتجميع مسرحياته وقصصه المنشورة في مجلة «الحاوي»، وما كتب عنه في الصحف من حقائق أو أكاذيب، وقام بصياغة كل ذلك في شكل اعترافات، قام بنشرها بعد وفاته، كي ينفي عنه تهمة النصب والاحتيال؟! سؤال لا نملك الإجابة عليه حاليا، وربما تكشف الأيام المقبلة عن إجابات وتفسيرات لهذا السؤال! ... فهذا هو جهدنا المتواضع، في إبراز صورة حافظ نجيب، المستخلصة من اعترافاته المنشورة. والآن نتعرض لصورة حافظ نجيب عند معاصريه.
فمن الثابت أن الصحف المصرية، في أوائل القرن العشرين، بدأت تكتب بعض الأخبار المتفرقة عن حافظ نجيب، وعن أعماله. ولكن هذه الكتابات لم تؤثر على القراء، ولم تكتب شهرة حافظ نجيب، إلا بعد أن كتب جورج طنوس،
42
أول كتاب كامل عن حافظ نجيب، وكان بعنوان «نابغة المحتالين أو حافظ نجيب»! وتم نشر هذا الكتاب فيما بين عامي 1909 و1912.
43
والكتاب عبارة عن مجموعة من أخبار وحوادث حافظ نجيب، ومجموعة من قصائده، ورواية طويلة من تأليفه، استغرقت معظم صفحات الكتاب.
هذا بالإضافة إلى أن الكتاب به صورة شخصية لحافظ نجيب، تجعل الرائي يتعجب عندما ينظر إليها، لشدة دمامة صاحبها، وملامحه المتوحشة!
44
فالناظر إليها لا يصدق أن صاحب هذه الصورة، هو حافظ نجيب الذي تزوج من الكونتيس سيجريس، وكانت تحبه وتعشقه لدرجة الجنون الأميرة فيزنسكي، وكان يجالس ويراقص ويعشق الجميلات! فهذه الصورة تثبت أحد أمرين، إما أن علاقات حافظ نجيب بالنساء، كانت علاقات وهمية من ابتكاره، ليعوض بها مركب النقص، الذي كان يشعر به! لأن من غير المعقول أن امرأة دميمة، تستطيع أن تنظر لوجه حافظ نجيب - تبعا لصورته المنشورة - أكثر من دقائق معدودة، فما بالنا بالأميرات ممن أوقعن في حبه وعشقه! والأمر الآخر أن تنكر حافظ نجيب، كان بسبب تجميل وجهه أمام الناس وأمام النساء بصفة خاصة، بالإضافة إلى سبب هروبه من مطاردة البوليس!
Unknown page