بعد التعليم العالي ... وبعد الدرس والتجاريب ... لا زلت تؤمن بالخرافة!
خليل :
يا سيدي اقرأ وكذبني.
بكر (يفتح الورقة ويقرأ) : «رمزي بك المحترم، رأيت أن أقابلك للبحث في موضوع زواجنا بعد أن أذن أبي بهذه المقابلة، لهذا أنتظرك في منزلي في الساعة الرابعة بعد ظهر الغد، وتقبل يا سيدي الاحترام ... إحسان» ... ماذا قرأت! رباه ... هذا خطها ... هذا توقيعها ... هذا تاريخ أمس ... من هو رمزي الذي تكتب إليه إحسان؟ إحسان ... إحسان حبيبتي تكتب إلى رجل آخر؟! إحسان خطيبتي تباحث خطيبا جديدا في أمر الزواج؟! إحسان أملي في الحياة ... نصيبي من نعيم العالم ... إحسان حبيبتي روحي وقوتي واغتباطي ولذتي ... تكتب لرجل تباحثه في أمر الزواج؟! رباه ماذا قرأت؟! ماذا رأيت؟! دليلا على عدم الوفاء ... برهانا على الخيانة ... آه ما أشد آلامي! (يرتمي على المقعد)
لا، أنا لا أريد أن أصدق. لا ... ابدا ... حاشا للملاك أن يكون شيطانا ... حاشا لتلك الروح السامية والأخلاق الوديعة أن تكون إلا أفعى قاتلة بخيانتها (يلقي الورقة)
سحقا ليد كتبتك ... لقلم زور هذه السطور ... حاشاك يا إحسان أن تكوني صاحبة هذا التوقيع ... ولكن لا ... هذا خطها لا ريبة ولا شك ... ورقة وصلت ليدي ... أم صاعقة قذفتها علي السماء ... رباه ... قصاصة من الورق ... قطرة من الحبر ... سطور سوداء تنتزع قلبي من صدري انتزاع الحرير من الشوك ... ما أضعف المرء حيال الطوارئ! ما أظلم النفس باطمئنانها للهناء! ما أتعس الرجل باستسلامه بعواطفه وسكونه لمظاهر الحسناء! خدعتني إحسان ... سلبت قلبي ... عبثت بعقلي ... أضاعت رشادي ... أضعفت قوتي ... أوهنت جلدي (يقول لقلبه)
لا تختلج أيها الخفاق النزق ... أيها الأعمى المغرور ... كفاك خفقانا بين جوانحي ... كفاك اضطرابا وجزعا وإلا انتزعتك من صدري بيدي وطرحتك للكلاب.
خليل :
لو كنت أثق يا أخي بالمرأة ... لو كنت أومن بوفائها وثباتها ... ما نغصت عليك هناءك الوهمي واغتباطك بعزة النفس وانتعاشها بالحب.
بكر :
Unknown page