وفكر طويلا وهو يتخبط في الشرك، ثم قال: أنت أخي الأكبر، وما لقيت منك إلا البر والوفاء، وأنا لم أخلق لذلك.
بذلك حل محمود محل أبيه. ولم ترتح فوزية هانم للقرار وقالت له بأدبها الجم: شد ما تعجلت قرارك دون مشاورة.
فسألها بحيرة: هل يداخلك شك من ناحية أخي؟
فقالت بأمانة: نعم الأخ هو، ولكن لم تضع نفسك تحت وصايته؟!
فقال: إنه شقيقي وحبيبي، وأنت شقيقة زوجته، وأسرتنا مثال في الوئام والحب، وقد فعلت ما أراه مناسبا.
وواصل حياته الناعمة، وكان يتسلم نصيبه دون مراجعة، وكان الخير عميما والبال رائقا. وانقضت عليه ثورة 1919 فهزته من الأعماق وأشعله سحر زعيمها، وتبرع لها بعشرة آلاف جنيه مستجيبا لاقتراح أخيه. تناسيا وصية قديمة لأبيهما بالبعد عن السياسة وتجنب ما يثير غضب السلطات الشرعية وغير الشرعية. كان المد أقوى من أن يفلت منه إنسان. ولكن عندما أطل الشقاق بقرنه وحصل الخلاف بين سعد وعدلي، تشاور الرجلان فيما ينبغي فعله. أو راح محمود يفكر وأحمد يتابعه. قال محمود: انقضت فترة العواطف وجاءت فترة العقل.
فقال أحمد: الأرض كلها مع سعد. - نكون حيث تكون مصلحتنا.
فاشتد انتباه أحمد حتى استطرد أخوه: لا يغرنك الهتاف، الإنجليز هم القوة الحقيقية، عدلي قريب منهم ولكنه لا يوفر الأمان الدائم، هناك سلطة شرعية هي الوسيلة الباقية بين الإنجليز وهي العرش، فليكن ولاؤنا للملك!
فقال أحمد مستسلما: الصواب معك دائما يا أخي!
وعرف ذلك الموقف في بيت القاضي حيث يتجاور بيتا عمرو وسرور. وهمس عمرو بأسلوبه الهادئ: سلوك غير لائق.
Unknown page