89

Hadit ʿIsa b. Hisam

حديث عيسى بن هشام

Genres

فسمعناه يقول لها في تسبيحه: «أتستكثرين - أدر الله عليك خيره، وأبدلك زوجا غيره - ما أخذته منك لاستنباط الحيلة في التفريق، واستخراج الحكم بالتطليق، فأبعدت عنك زوجا تكرهينه، لتتبدلي منه زوجا تحبينه؟» ثم إنه أحس بدخولنا من ورائه، فارتد إلى اتصال تسبيحه ودعائه، وانتفضت المرأة فتنقبت بخمارها، وتلفعت بإزارها، وخرجت وتركتنا مع رجل يخدع الأنام بطول صلواته، ويتلو سورة الأنعام في ركعاته:

إذا رام كيدا بالصلاة مقيمها

فتاركها عمدا إلى الله أقرب

وجلسنا مدة ننتظر خلاصه من هذا الرياء، وخلاص الملكين من صحيفته السوداء، وخلاصنا من هذا الكرب والعناء، وكنا نشاهد منه في خلال ذلك نظرات مختلسات نحو الباب، كأنه هو أيضا في انتظار وارتقاب، إلى أن دخل علينا غلام يصيح به: إلى متى هذه العبادة، فقد بليت السجادة، وحاجات الناس موكولة إليك، وقضاء مصالحهم موقوف عليك، وهذا دولة «البرنس» ينتظرك في القصر، منذ العصر، دع مدير الأوقاف، و«نقيب الأشراف» فلم يعبأ المصلي بهذا الكلام، بل جهر بالآية من سورة الأنعام:

قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ، فجلس غلام الشيخ وهو يمسح العرق، واشتد بنا الضجر والقلق، فقلنا: من يضمن لهذه الصلاة انتهاء، ولهذا التسبيح انقضاء، وهممنا بالقيام، فالتفت الشيخ للغلام، وأشبعه من التأنيب والملام، ثم حيانا بألطف سلام، وقال: بارك الله فيكم وعليكم، وأنا في الخدمة بين يديكم، فقلنا: علمنا أنك رجل عدل عف، فجئناك لقضية في وقف، فقال الغلام: أتطلبون ريعه، أم تريدون بيعه، فقلت: سبحان الله وهل تباع الأوقاف؟ قال: نعم ويباع جبل قاف، ثم تنحنح الشيخ وسعل، وبصق وتفل، وتسعط ثم تمخط، واقترب منا ودنا، ثم قال لنا:

المحامي :

دعونا من هذا الغلام وقولا لي ما حقكم في الوقف، وما شروط الواقف، وكم يقدر ثمن العين لتقدر «قيمة الأتعاب» بحسبه؟

عيسى بن هشام :

إن لصاحبي هذا وقفا عاقته عنه العوائق فوضع سواه عليه يده، ونريد رفع الدعوى لرفع تلك اليد.

المحامي :

Unknown page