أتراهم يريدون إقامة ألعاب إفرنجية مع الأغاني العربية؟
الصديق :
ولا هذا أيضا بل هم قوم من السائحين الأوروبيين في البلاد الشرقية يتشوقون في مطالعتهم الآثار المصرية إلى رؤية المحافل والأسواق، فإذا سمعوا بحفلة عرس هرعوا إليها بنسائهم وأولادهم لتسلية الخاطر بدرس العادات والأخلاق.
الباشا :
قد تبين لي آنفا أن صاحب العرس من أهل الصعيد، فأية صلة بينه وبين سياح الإفرنج تدعوه إلى دعوتهم في عرسه؟ أم من عاداتهم أن يهجموا على بيوت الناس بغير دعوة ولا استئذان كالطفيليين.
الصديق :
هم من المدعوين لا من المتطفلين، ولا يلزم لدعوتهم أن يكون لصاحب العرس أدنى صلة بهم أو أن يعرف أشخاصهم ويفقه لسانهم، ولكن حضورهم في حفلة العرس أمر مرغوب فيه عند صاحبه ينشرح به صدره، ويزهو به عنده قدره ، ويراه فخرا له يعلو به ذكره، ومجدا للبيت يرتفع به عماده وهو في دعوتهم بالخيار إما أن يرسل إلى بعض تراجمة الفنادق فيعطيهم عددا من تذاكر الدعوة بغير أسماء معينة ليوزعها على من يكونون في خدمتهم من السياح، فيبيعها التراجمة إليهم بقيمة معلومة من الدراهم كأنها تذكار الملاهي العامة، ويعتقد الأجانب أن تلك عادة من عادات الشرقيين أن يدخل الناس إلى أعراسهم بأثمان معينة، وإما أن يترقى صاحب العرس، فيخاطب أصحاب الفنادق الكبيرة بأن لديه حفلة عرس في الليلة الفلانية، ويرغب أن يحضرها كذا عددا من السياح، فيتحف صاحب الفندق نزلاءه فيما يتحفهم به بالدعوة إلى العرس، فإذا شرفوا صاحب العرس بحضورهم هرع إلى حسن استقبالهم، وبالغ في التلطف والترحيب بهم، وأنزلهم فوق منازل الأمراء والكبراء ونسي كل من في العرس سواهم، وتفرغ طول ليلته لخدمتهم كما تراه من صاحب هذا العرس، وانظر إليه كيف يتيه عجبا ويشمخ كبرا وهو يتقدم نساءهم ليدخل بهن إلى بيت الحرم لمشاهدة زفاف العروسين بعد أن أجلس رجالهن على رءوس العظماء والأمراء في صدر المكان.
الباشا :
وما هذا الذي أراه في أيدي النساء يحملنه معهن، كأنه الأسفاط فيها الحلي لهدية العروس،
4
Unknown page