3 (من سورة النساء)
شكل 3-6: حجر عربي منقوش (من صورة فوتوغرافية التقطها المؤلف في القاهرة).
والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج (من سورة البقرة)
ونظام القضاء والمرافعات عند المسلمين بسيط إلى الغاية، أي أنه يقوم بالقضاء قاض منفرد معين من قبل ولي الأمر، ولا تستأنف أحكام القاضي، ويحضر الخصوم أمام القاضي بدعوة، ويترافعون إليه مشافهة ، ويعرضون عليه بيناتهم التي قد تكون قائمة على الإقرار أو الشهادة أو التحليف، فينطق بالحكم حالا، وقد أتيح لي في مراكش أن أشاهد إصدار هذه الأحكام المختصرة، فرأيت القاضي جالسا في الساحة التي هي أمام قصر الوالي، والخصوم والشهود حوله جثيا موجزين قضاياهم، وأحكام القاضي تنفذ فورا حينما يكون ذلك ممكنا كأن يأمر بجلد المذنب بضع جلدات.
أجل، قد لا تضمن تلك الطرق البسيطة العدل كما تضمنه طرقنا الأوربية المعقدة، ولكنها لا تضيع وقت المتقاضين الثمين على كل حال، ولا تثقلهم بالنفقات القضائية التي تدفع عادة في العالم المتمدن فتخرب بيوتهم غالبا.
وتكون أحكام أولئك القضاة عادلة على العموم مع بساطة تلك الطرق، فروح العدل والإنصاف نامية كثيرا في العرب، ويرجع نموها فيهم إلى أن العدل أساس الحياة في تلك المجتمعات التي لا تزال على الفطرة، لا إلى أمر القرآن وحده بالعدل على أن العدل من أحسن الفضائل.
ونختم قولنا في نظم العرب الاجتماعية بأن نذكر أن العرب يتصفون بروح المساواة المطلقة وفقا لنظمهم السياسية، وأن مبدأ المساواة الذي أعلن في أوربة قولا، لا فعلا، راسخ في طبائع الشرق رسوخا تاما، وأنه لا عهد للمسلمين بتلك الطبقات الاجتماعية التي أدى وجودها إلى أعنف الثورات في الغرب ولا يزال يؤدي، وأنه ليس من الصعب أن ترى في الشرق خادما زوجا لابنة سيده، وأن ترى أجراء منهم قد أصبحوا من الأعيان.
والكتاب الأوربيون الذين بحثوا عن بعد في شؤون أولئك الأقوام، وهم الذين لا يعلم الأوربيون من أمورهم سوى القليل، يستخفون بتلك النظم، ويقولون إنها أدنى من نظمنا كثيرا، ويتمنون قرب الوقت الذي تستولي فيه أوربة الطامعة على تلك البقاع.
وغير ذلك ما يبديه الباحثون المحققون، وإليك، مثلا، ما جاء في كتاب ثمين وضعه العالم المتدين مسيو لوپله الذي هو ممن أجادوا درس أمور الشرق:
صان المسلمون أنفسهم حتى الآن من مثل خطايا الغرب الهائلة فيما يمس رفاهية طبقات العمال، وتراهم يحافظون بإخلاص على النظم الباهرة التي يسود بها الإسلام بين الغني والفقير والسيد والأجير على العموم ، وليس من المبالغة أن يقال، إذن: إن الشعب الذي يزعم الأوربيون أنهم يرغبون في إصلاحه هو خير مثال في ذلك الأمر الجوهري. (3) نظم العرب السياسية
Unknown page