Hadarat Carab Fi Andalus
حضارة العرب في الأندلس: رسائل تاريخية في قالب خيالي بديع
Genres
صلى الله عليه وسلم
إذ يقول: لا يشرب الشارب حين يشرب وهو مؤمن. ولقد مرت أعرابية بقوم يشربون نبيذا فسقوها، فلما شربت أقداحا اعترتها أريحية، فقالت: أيشرب هذا نساؤكم؟ قالوا: نعم، قالت: إذن زنين ورب الكعبة؛ فما يدري أحدكم من أبوه!
ولأصحاب الشراب ولوع به واستهتار إلى الحد الذي لا يفكرون معه في دين ولا مروءة، قيل لأبي نواس: أتشرب الخمر؟ قال: نعم، إذا اشتري بثمن خنزير قد سرق حتى يحرم ثلاث مرات، وهو القائل:
ألا فاسقني خمرا وقل لي: هي الخمر
ولا تسقني سرا إذا أمكن الجهر
فما الغبن إلا أن تراني صاحيا
وما الغنم إلا أن يتعتعني السكر
وقيل لثمامة: لم تشرب الخمر وهي تزيل العقل؟ فقال: إن زال اليوم لا يزول غدا. وباع بعض الأشراف من أصحاب الشراب ضيعة، فقيل له: احضر العشية للإشهاد، فقال: لو كنت ممن يصان بالعشيات لما بعت الضيعة. وقال رجل لآخر منهم: لقد وجهت إليك رسولا عشية أمس فلم يجدك! فقال: هذا وقت لا أكاد أجد فيه نفسي. ويقول أحدهم: وددت أني أكون بعوضة فأموت تحت قربة نبيذ؛ حتى يكون موتي في ظلال نعيم. ولما ولي الحسن بن يزيد رضي الله عنه المدينة، قال لابن هرمة الشاعر: لست كمن باع دينه رجاء مدحك، أو خوف ذمك؛ فقد رزقني الله بولادة نبيه
صلى الله عليه وسلم
الممادح، وجنبني المقابح، وإن من حقه علي أن لا أغضي على تقصير في حق ربه، وأنا أقسم لئن أتيت بك سكران لأضربنك حدا للخمر وحدا للسكر، ولأزيدن لموضع حرمتك بي؛ فليكن تركك ذلك لله تعن عليها، ولا تدعها للناس فتوكل إليهم، فقال ابن هرمة:
Unknown page