بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله (جاعِلِ المَلائكَةِ رُسلًا أُولي أَجنِحَةٍ مَثنى، وَثلاث، وَرُباع» فاطر:١ (والصلاة والسلام على سيدنا محمد، والآل، والصحب، والأتباع فهذا تأليف لطيف جمعته في أخبار الملائكة الأبرار، استوعبت فيه ما وردت به الأحاديث، والآثار، وختمته بفوائد يبتهج بها أولو الأبصار، وسميته) الحبائك في أخبار الملائك (والله المستعان، وعليه التكلان.
ذكر وجوب الإيمان بالملائكة
قال الله تعالى: (آمَنَ الرَسولُ بِما أُنزِل إِليهِ مِن رَبِهِ وَالمُؤمِنونَ كُلٌ آَمَنَ بِاللَهِ وَمَلائِكَتِهِ» البقرة: ٢٥٨ (قال البيهقى في شعب الإيمان: والإيمان بالملائكة ينتظم في معانٍ:
والثاني: إنزالهم منازلهم، وإثبات أنهم عباد الله وخلقه كالإنس والجن، مأمورون مكلفون لا يقدرون إلا قدرهم الله عليه، والموت عليهم جائز، ولكن الله تعالى جعل لهم أمدًا بعيدًا. فلا يتوفاهم حتى يبلغوه، ولا يوصفون بشىء يؤدي وصفهم به إلى إشراكهم بالله تعالى جده، ولا يدعون آلهة كما دعتهم الأوائل.
والثالث: الإعتراف بأن منهم رسول الله يرسلهم إلى من يشاء من
1 / 9
البشر، وقد يجوز أن يرسل بعضهم إلى بعض، ويتبع ذلك الإعتراف بأن منهم حملة العرش، ومنهم الصافون، ومنهم خزنة الجنة، ومنهم خزنة النار، ومنهم كتبة الأعمال، ومنهم الذين يسوقون السحاب، وقد ورد القرآن بذلك كله أو بأكثره.
وروينا عن ابن عمر عن عمر ﵄ عن النبي ﷺ حين سئل عن الإيمان فقال) أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله (.
مبدأ خلق الملائكة والدلالة على أنهم أجسام خلافا للفلاسفة
أخرج مسلم عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ:) خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم
1 / 10
(.
وأخرج أبو الشيخ في كتاب العظمة عن ابن عمرو قال: خلق الله الملائكة من نور.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة قال: خلقت الملائكة من نور العزة.
وأخرج أبو الشيخ عن يزيد بن رومان: أنه بلغه أن الملائكة خلقت من روح الله.
كثرة الملائكة جدا
قال الله تعالى: (وَما يَعلَمُ جُنودَ رَبِك إِلاّ هُو» المدثر: ٣١ (.
وأخرج البزار، وأبو الشيخ، وابن منده في كتاب) الرد على الجهمية (عن ابن عمرو قال:) خلق الله الملائكة من نور وينفخ في ذلك ثم يقول: ليكن منكم ألف ألفين فإن من الملائكة خلقا أصغر من الذباب وليس شىء أكثر من الملائكة (.
وأخرج البيهقى في الشعب عن ابن مسعود قال: إن في السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا وعليها جبهة ملك أو قدماه ثم قرأ (وَإِنا لَنَحنُ الصافون» الصافات: ١٦٥ (.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال: ما في السماء موضع إلا عليه ملك إما ساجد وإما قائم حتى تقوم الساعة.
وأخرج أحمد، والترمذى، وابن ماجه، والحاكم عن أبى ذر قال:
1 / 11
قال رسول الله ﷺ:) أطت السماء وحق لها أن تئط ما منها موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك واضع جبهته (.
وأخرج أبو الشيخ عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ:) ما في السماء الدنيا موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم) فذلك قوله: (وَما مِنا إِلاّ لَهُ مَقامٌ مَعلوم، وَإِنا لَنَحنُ الصافون) .
وأخرج ابن أبى حاتم، والطبرانى، والضياء في المختارة، وأبو الشيخ عن حكيم بن حزام قال: بينما رسول الله ﷺ مع أصحابه فقال لهم:)
1 / 12
هل تسمعون ما أسمع؟ قالوا: ما نسمع من شىء قال:) إني لأسمع أطيط السماء - وما تلام أن تئط - ما فيها موضع قدم إلا عليه ملك ساجد أو قائم (.
وأخرج الطبرانى عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ:) ما في السموات السبع موضع قدم ولا شبر ولا كف إلا وفيه ملك قائم أو ملك ساجد فإذا كان يوم القيامة قالوا جميعًا: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك إلا أنا لم نشرك بك شيئا (.
وأخرج الدينورى في المجالسة عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: ليس من خلق الله شىء أكثر من الملائكة ليس من بني آدم أحد إلا ومعه ملكان سائق يسوقه وشاهد يشهد عليه فهذا ضعف بني آدم ثم بد ذلك السموات والأرض مكبوسات ومن فوق السموات بعد، الذين حول العرش أكثر مما في السموات.
وأخرج أبو الشيخ عن أبى سعيد عن رسول الله ﷺ قال:) إن في الجنة لنهرا ما يدخله جبريل ﵇ من دخلة فيخرج فينتفض؛ إلا خلق الله من كل قطرة تقطر منه ملكا (.
وأخرج أبو اليخ عن وهب بن منبه: إن لله نهرا في الهواء سعة الأرضين كلها سبع مرات، ينزل على ذلك النهر ملك من السماء فيملؤه ويسد ما بين أطرافه، ثم يغتسل منه، فإذا خرج قطرت منه قطرات من نور، فيخرج من كل قطرة منها ملك يسبح الله بجميع تسبيح الخلائق كلهم.
1 / 13
وأخرج أبو الشيخ عن الأوزاعى قال: قال موسى ﵇: يا رب من معك في السماء؟ قال: ملائكتي قال: وكم هم يا رب؟ قال: اثنا عشر سبطا قال: وكم عدد كل سبط؟ قال: عدد التراب.
وأخرج أبو الشيخ عن كعب قال: لا تقطر عين ملك منهم إلا كانت ملكا يطير من خشية الله.
وأخرج أبو الشيخ عن العلاء بن هارون قال: لجبريل في كل يوم اغتماسة في الكوثر ثم ينتفض فكل قطرة يخلق منها ملك.
وأخرج أبو الشيخ من طريق مجاهد عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال:) ليس من خلق الله أكثر من الملائكة، ما من شىء ينبت إلا وملك موكل به (.
وأخرج أبو الشيخ عن الحكم قال: بلغني أنه ينزل مع المطر من الملائكة أكثر من ولد آدم إبليس يحصون كل قطرة، وأين تقع، ومن يرزق من ذلك النبات.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب قال: إن السموات السبع محوشة من الملائكة لو قيست شعرة ما انقاست، منهم الراكد، والراكع، والساجد، ترعد فرائصهم وتضطرب أجنحتهم خوفا من الله ولم يعصوه طرفة عين (.
أخرج ابن أبى حاتم عن كعب قال: ما من موضع خرم إبرة من الأرض إلا وملك موكل بها يرفع علم ذلك إلى الله تعالى فإن ملائكة السماء أكثر من عدد التراب وإن حملة العرش ما بين كعب أحدهم إلى مخه مسيرة مائة عام.
وأخرج ابن المنذر في تفسيره عن عبد الله بن عمرو يرفعه
1 / 14
قال:) الملائكة عشرة أجزاء تسعة أجزاء الكروبيون الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وجزء قد وكلوا بخزانة كل شىء، وما من السماء موضع إلا فيه ملك ساجد، أو ملك راكع، وإن الحرم بحيال العرش وعن البيت المعمور لبحيال الكعبة لو سقط لسقط عليها، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه (.
وأخرج ابن المنذر عن عمرو البكالى قال: إن الله تعالى جزأ الملائكة عشرة أجزاءك تسعة أجزاء منهم الكروبيون وهم الملائكة الذين يحملون العرش، وهم أيضا الذين يسبحون بالليل والنهار لا يفترون قال: ومن بقى من الملائكة لأمر الله ورسالاته.
وأخرج ابن أبى حاتم من طريق حبيب بن عبد الرحمن بن سلمان أبى الأعيس عن أبيه قال: الإنس والجن عشرة أجزاء، فالإنس من ذلك جزء، والجن تسعة أجزاء، والجن والملائكة عشرة أجزاء، فالجن جزء، والملائكة جزء، والملائكة والروح عشرة أجزاء، فالملائكة جزء، والروح تسعة، والروح والكروبيون عشرة أجزاء، فالروح من ذلك جزء، والكروبيون تسعة أجزاء.
وأخرج أبو الشيخ، والبيهقى في شعب الإيمان، والخطيب، وابن عساكر من طريق عباد من منصور من عدي بن أرطأة عن رجل من
1 / 15
الصحابة سماه - قال عباد فنسيت اسمه - عن رسول الله ﷺ قال:) إن لله ملائكة ترعد فرائصهم من مخافته، ما منهم ملك تقطر من عينيه دمعة إلا وقعت ملكا قائما يسبح الله تعالى، وملائكة سجودا منذ خلق الله السموات والأرض لم يرفعوا رؤوسهم ولا يرفعونها إلى يوم القيامة، وملائكة ركوعا لم يرفعوا رءوسهم ولا يرفعونها إلى يوم القيامة، وصفوفا لم ينصرفوا عن مصافهم ولا ينصرفون عنها إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة تجلى لهم ربهم ﷿ فنظروا إليه وقالوا: سبحانك ما عبدناك كما ينبغى لك (.
وأخرج ابن منده في المعرفة، وابن عساكر عن عبد الرحمن بن العلاء من بنى ساعدة عن أبيه العلاء بن سعد وكان ممن بايع يوم الفتح أن النبي ﷺ قال:) أطت السماء وحق لها أن تئط، ليس منها موضع قدم إلا وعليه ملك قائم، أو راكع، أو ساجد (ثم قرأ (وَإِنا لَنَحنُ المُسَبِحون» الصافات: ١٦٦ (.
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس في قوله (وَعَلَم آَدَمَ الأَسماءَ كُلَها» البقرة: ٣١ (قال أسماء الملائكة.
رؤوس الملائكة الأربعة الذين يدبرون أمر الدنيا
أخرج ابن أبى شيبة وابن أبى حاتم، وأبو الشيخ في العظمة، والبيهقى في الشعب، عن ابن سابط قال: يدبر أمر الدنيا أربعة: جبريل، وميكائيل، وملك الموت، وإسرافيل، فأما جبريل: فموكل بالرياح، والجنود، وأما ميكائيل: فموكل بالقطر، والنبات، وأما ملك الموت: فموكل بقبض الأرواح، وأما إسرافيل: فهو ينزل بالأمر عليهم.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن سابط قال: في أم الكتاب كل شىء هو كائن إلى يوم القيامة، ووكل ثلاثة من الملائكة أن يحفظوه، فوكل
1 / 16
جبريل بالكتاب أن ينزل به إلى الرسل، ووكل جبريل أيضا بالهلكات إذا أراد الله أن يهلك قوما، ووكله بالنصر عند القتال، ووكل ميكائيل بالحفظ والقطر ونبات الأرض، ووكل ملك الموت بقبض الأنفس، فإذا ذهبت الدنيا جمع من حفظهم وقابل أم الكتاب فيجدونه سواء. رواه ابن أبى شيبة.
وأخرج البيهقى، والطبرانى، وأبو الشيخ عن ابن عباس قال: بينما رسول الله ﷺ ومعه جبريل يناجيه إذا انشق أفق السماء، فأقبل جبريل يتضاءل ويدخل بعضه في بعض ويدنو من الأرض، فإذا ملك قد مثل بين يدي رسول الله ﷺ فقال: يا محمد، إن ربك يقرئك السلام ويخيرك بين أن تكون نبيا ملكا، أو نبيا عبدا، قال رسول الله ﷺ:) فأشار جبريل إلىَّ بيده أن تواضع فعرفت أنه لي ناصح فقلت: نبيا عبدا، فعرج ذلك الملك إلى السماء فقلت: يا جبريل، قد كنت أردت أن أسألك عن هذا فرأيت من حالك ما شغلني عن المسألة فمن هذا يا جبريل؟ (.
قال: هذا إسرافيل خلقه الله يوم خلقه بين يديه صافا قدميه لا يرفع طرفه، بينه وبين الرب سبعون نورا، ما منها نور يدنو منه إلا احترق، بين يديه اللوح المحفوظ، فإذا أذن الله بشىء في السماء أو في الأرض ارتفع ذلك اللوح فضرب جبهته فينظر فيه: فإن كان من عملي أمرني به، وإن كان من عمل ميكائيل أمره به، وإن كان من عمل ملك الموت أمره به، قلت:) يا جبريل، على أي شىء أنت؟ (قال: على الرياح، والجنود قلت:) على أي شىء ميكائيل؟ قال: على النبات والقطر، قلت: على أي شىء ملك الموت؟ قال: على قبض الأنفس، وما ظننت انه هبط إلا بقيام الساعة وما ذاك الذي رأيت مني إلا خوفا من قيام الساعة.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن جابر بن عبد الله قال:
1 / 17
قال رسول الله ﷺ:) إن أقر الخلق من الله جبرائيل، وميكائيل، وإسرافيل، وإنهم من الله لمسيرة خمسين ألف سنة، جبرائيل عن يمينه، وميكائيل عن الأخرى، وإسرافيل بينهما (.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب قال: هؤلاء الأربعة أملاك: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت، أول من خلقهم الله من الخلق، وآخر من يميتهم، وأول من يحييهم، هم المدبرات أمرا والمقسمات أمرا (.
وأخرج أبو الشيخ عن خالد بن أبى عمران قال: جبريل أمين الله إلى رسله، وميكائيل يتلقى الكتب التي ترفع من أعمال الناس، وإسرافيل بمنزلة الحاجب (.
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة بن خالد أن رجلا قال: يا رسول الله أي الملائكة أكرم على الله؟ قال: لا أدري فعرج جبريل ثم هبط فقال: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت، فأما جبريل فصاحب الحرب، وصاحب المرسلين، وأما ميكائيل: فصاحب كل قطرة تسقط، وكل ورقة تنبت، وكل ورقة تسقط، وأما ملك الموت: فهو موكل بقبض روح كل عبد في بر، أو بحر، وأما إسرافيل: فأمين الله بينه وبينهم.
وأخرج الطبرانى، والحاكم عن أبى المليح عن أبيه أنه صلى مع النبي ﷺ ركعتي الفجر فصلى قريبا منه، فصلى النبي ﷺ ركعتين خفيفتين فسمعته يقول) اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ومحمد أعوذ بك من النار (ثلاث مرات.
1 / 18
وأخرج أحمد في الزهد عن عائشة أن النبي ﷺ أغمى عليه ورأسه في حجرها، فجعلت تمسح وجهه وتدعو له بالشفاء، فلما أفاق قال:) لا بل اسألي الله الرفيق الأعلى مع جبريل، وميكائيل، وإسرافيل ﵈ (.
ما جاء في جبريل ﵇
أخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن علي بن حسين قال: اسم جبريل عبد الله، واسم ميكائيل عبيد الله، وإسرافيل عبد الرحمن، وكل شىء رجع إلى " إيل " فهو معبد لله ﷿.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: جبريل عبد الله، وميكائيل عبيد الله، وكل اسم فيه " إيل " فهو معبد لله.
وأخرج ابن أبى حاتم، وأبو الشيخ عن عبد العزيز بن عمير قال: اسم جبريل في الملائكة خادم ربه ﷿.
وأخرج أبو الشيخ عن أبى موسى بن أبى عائشة قال: بلغني أن جبريل إمام أهل السماء.
وأخرج الطبرانى عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ:) ألا أخبركم بأفضل الملائكة؟ جبريل (.
وأخرج مسلم عن ابن مسعود قال: رأى رسول الله ﷺ جبريل في حلة خضراء قد ملأ ما بين السماء والأرض.
وأخرج عن ابن مسعود قال: رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح.
وأخرج أبو الشيخ عن عائشة أن رسول الله ﷺ قال:) رأيت جبريل منهبطا قد ملأ ما بين الخافقين عليه ثياب سندس معلق بها اللؤلؤ والياقوت (.
وأخرج أبو الشيخ عن عائشة ﵂ قالت: قال رسول الله ﷺ:) وددت لو رأيتك في صورتك قال: وتحب ذلك؟ قال: نعم. قال: موعدك كذا وكذا من الليل بقيع الغرقد، فلقيه موعده، فنشر جناحا من أجنحته فسد أفق السماء حتى ما يرى من السماء شىء (.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود في قوله: (وَلَقَد رَآهُ نَزلة أخرى» النجم: ١٣ (قال: رأى رسول الله ﷺ
1 / 19
جبريل معلقا رجليه، عليها الدر كأنه قطر المطر على البقل.
وأخرج الطبرانى عن ابن عباس، عن ورقة الأنصاري قال: قلت: يا محمد كيف يأتيك الذي يأتيك يعني جبريل؟ قال:) يأتيني من السماء، جناحاه لؤلؤ، وباطن قدميه أخضر (.
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن أنس قال: قال رسول
1 / 20
الله ﷺ لجبريل:) هل ترى ربك؟ قال: إن بيني وبينه لسبعين حجابا من نار، ونور، لو رأيت أدناها لاحترقت (.
وأخرج أبو الشيخ عن شريح بن عبيد الله: أن النبي ﷺ لما صعد إلى السماء، رأى جبريل في خلقته منظوم أجنحته بالزبرجد، واللؤلؤ، والياقوت، قال:) فخيل لي أن ما بين عينيه قد سد الأفق، وكنت أراه قبل ذلك على صور مختلفة، وأكثر ما كنت أراه على صورة دحية الكلبي، وكنت أحيانا أراه كما يرى الرجل صاحبه من وراء الغربال (.
وأخرج أحمد، وابن أبى حاتم، وأبو الشيخ عن ابن مسعود: أن رسول الله ﷺ لم ير جبريل في صورته إلا مرتين، أما واحدة فإنه سأله أني ريه نفسه، فأراه نفسه فسد الأفق، وأما الأخرى، فليلة الإسراء عند السدرة.
وأخرج أبو الشيخ من طريق عطاء، عن ابن مسعود عن النبي ﷺ قال:) ما بين منكبي جبريل مسيرة خمسمائة عام للطائر السريع الطيران (.
وأخرج أبو الشيخ من طريق إسحاق الهاشمي عن ابن عباس عن النبي ﷺ قال:) جبريل له ستمائة جناح من لؤلؤ قد نشرها مثل ريش الطواويس (.
واخرج ابن جرير عن حذيفة، وابن جريج وقتادة دخل حديث بعضهم في بعض لجبريل جناحان وعليه وشاح من در منظوم وهو براق الثنايا أجلى الجبين ورأسه حبك حبك مثل المرجان وهو اللؤلؤ كأنه الثلج وقدماه إلى الخضرة (.
1 / 21
وأخرج أبو الشيخ عن وهب بن منبه: أنه سئل عن خلق جبريل فذكر أن ما بين منكبيه من ذا إلى ذا خفق الطير سبعمائة عام.
وأخرج ابن سعد، والبيهقى في الدلائل عن عمار بن أبى عمار: أن حمزة ابن عبد المطلب قال: يار سول الله أرني جبريل في صورته قال: إنك لا تستطيع أن تراه قال: بلى فأرنيه قال: فاقعد، فقعد جبريل على خشبة كانت في الكعبة فقال النبي ﷺ:) ارفع طرفك فانظر، فرفع طرفه فرأى قدميه مثل الزبرجد الأخضر فخر مغشيا عليه (.
وأخرج ابن المبارك في الزهد عن ابن شهاب أن رسول ﷺ: سأل جبريل أن يتراءى له في صورته فقال جبريل: إنك لن تطيق ذلك قال: إني احب أن تفعل، فخرج رسول الله ﷺ إلى المصلى في ليلة مقمرة فأتاه جبريل في صورته فغشى على رسول الله ﷺ حين رآه ثم أفاق وجبريل مسنده وواضع إحدى يديه على صدره، والأخرى بين كتفيه فقال رسول الله ﷺ:) ما كنت أرى أن شيئا من الخلق هكذا فقال جبريل: فكيف لو رأيت إسرافيل، إن له لإثنى عشر جناحا، منها جناح في المشرق، وجناح في المغرب، وإن العرش على كاهله، وإنه ليتضاءل الأحيان لعظمة الله حتى يصير مثل الوصع حتى ما يحمل عرشه إلا عظمته (.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النبي ﷺ قال:) إن
1 / 22
جبريل ليأتيني كما يأتي الرجل صاحبه في ثياب بيض مكفوفة باللؤلؤ والياقوت، رأسه كالجبل، وشعره كالمرجان، ولونه كالثلج، أجلى الجبين، براق الثنايا، عليه وشاحان من در منظوم، وجناحاه أخضران، ورجلاه مغموستان في الخضرة، وصورته التي صور عليها تملأ ما بين الأفقين (وقد قال ﷺ:) أشتهى أن أراك في صورتك يا روح الله (فتحول له، فسد ما بين الأفقين.
وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ:) خلق الله تعالى جمجمة جبريل على قدر الغوطة (.
وأخرج الطبرانى عن ابن عباس قال:) عاد رسول الله ﷺ رجلا من الأنصار، فلما استأذن عليه دخل عليه فلم ير أحدا فقال له رسول الله ﷺ: سمعتك تكلم غيرك قال: يا رسول الله لقد دخل علىّ داخل ما رأيت رجلا قط بعدك أكرم مجلسا، ولا أحسن حديثا منه قال:) ذاك جبريل، وإن منكم لرجالا لو أن أحدهم يقسم على الله لأبره (.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عكرمة قال: قال جبريل ﵇: إن ربي ﷿ ليبعثني إلى الشىء لأمضيه فأجد الكون قد سبقني إليه.
وأخرج الطبرانى عن ميمونة بنت سعد قالت: قلت: يا رسول الله هل يرقد الجنب؟ قال:) ما أحب أن يرقد حتى يتوضأ، فإني أخاف أن يتوفى فلا يحضره جبريل (.
1 / 23
وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود قال: جاء جبريل إلى النبي ﷺ فقال:) يا جبريل إني لأحسب أن لى عندك منزلة (قال: أجل والذي بعثك بالحق، ما بعثت إلى نبي قط أحب إلى منك، قال:) فإني أحب أن تعلمني منزلتى (قال: إن قدرت على ذلك قال: والذي بعثك بالحق لقد دنوت فيها من ربي دنوا ما دنوت مثله قط، وإن كان قدر دنوى منه مسيرة خمسمائة سنة، وإن أقرب الخلق من الله ﷿: إسرافيل، وإن قدر دنوه منه مسيرة سبعين عاما فيهن سبعون نورا، إن أدناها ليغشى الأبصار، فكيف بالعلم فيها وراء ذلك، ولكن يعرض له بلوح ثم يدعونا فيبعثنا.
وأخرج أحمد في الزهد عن رباح قال: حدثت أن النبي ﷺ قال لجبريل:) لم تأتينى إلا وأنت صار بين عينيك؟؟ قال: إنى لم أضحك منذ خلقت النار.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب قال: إن أدنى الملائكة من الله جبريل، ثم ميكائيل، فإذا ذكر الله عبدا بأحسن عمله قال: فلان ابن فلان عمل كذا وكذا من طاعتى صلواتى عليه، ثم يسأل ميكائيل جبريل: ما أحدث ربنا؟ فيقول: فلان ابن فلان ذكر بأحسن عمله، فصلى عليه، صلوات الله عليه، ثم يسأل ميكائيل من يراه من أهل السماء فيقولون: ماذا أحدث ربنا؟ فيقول: ذكر فلان ابن فلان بأحسن عمله فصلى عليه، صلوات الله عليه، فلا يزال يقع من سماء إلى سماء حتى يقع إلى الأرض، وإذا ذكر عبدا بأسوأ عمله قال: عبدي فلان ابن فلان عمل كذا وكذا من معصيتى فلعنتى عليه، ثم يسال ميكائيل جبريل ماذا أحدث ربنا؟ فيقول: ذكر فلان ابن فلان بأسوأ عمله فعليه لعنة الله فلا يزال يقع من سماء إلى سماء حتى يقع إلى الأرض.
وأخرج الصابوني في المائتين، والبيهقى في شعب الإيمان عن جابر بن عبد الله، عن النبي ﷺ قال:) إن جبريل موكل بحاجات العباد، فإذا دعا المؤمن قال الله: يا جبريل، احبس حاجة عبدي فإني أحبه وأحب صوته، وإذا دعا الكافر قال الله: يا جبريل، اقض حاجة عبدى فإنى أبغضه وأبغض صوته (.
وأخرج البيهقى عن ثابت قال: بلغنا أن الله تعالى وكل جبريل ﵇ بحوائج الناس، فإذا دعا المؤمن قال يا جبريل: احبس حاجته فإنى أحب دعاءه، وإذا دعا الكافر قال يا جبريل: اقض حاجته فإنى أبغض دعاءه. قال البيهقى: هذا هو المحفوظ.
وأخرج ابن أبى شيبة من طريق ثابت عن عبد الله بن عمير قال: إن جبريل موكل بالحوائج، فإذا سأل المؤمن ربه قال: احبس
1 / 24
احبس حبا لدعائه أن يزداد، وإذا سأل الكافر قال: أعطه أعطه بغضا لدعائه.
وأخرج الحكيم الترمذى عن أبى ذر قال: إن الله يقول: يا جبريل انسخ من قلب عبدى المؤمن الحلاوة التي كان يجدها لي قال: فيصير العبد المؤمن والها طالبًا للذى كان يعهد في نفسه، نزلت به مصيبة لم ينزل به مثلها قط، فإذا نظر الله إليه على تلك الحال قال: يا جبريل رد إلى قلب عبدى ما نسخت منه فقد ابتليته فوجدته صادقا، وسأمده من قبلى بزيادة.
وأخرج أبو الشيخ عن عمرو بن مرة قال: جبريل على ريح الجنوب.
وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن علي قال: قال رسول الله ﷺ:) ما شئت أن أرى جبريل ﵇ متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول: يا واجد، يا ماجد، لا تزل عنى نعمة أنعمت بها على؛ إلا رأيته (.
وأخرج أبو الشيخ عن عبد العزيز بن أبى رواد قال: نظر الله إلى جبريل، وميكائيل، وهما يبكيان فقال الله: ما يبكيكما وقد علمتما أنى لا أجور؟ فقالا: يا رب إنا لا نأمن مكرك قال: هكذا فافعلا، فإنه لا يأمن من مكرى إلا كل خاسر.
وأخرج الإمام أحمد في الزهد عن أبى عمران الجونى أنه بلغه أن جبريل أتى النبي ﷺ وهو يبكى فقال له رسول الله ﷺ: ما يبكيك؟ قال: وما لى لا أبكى، فو الله ما جفت لي عين منذ خلق الله النار مخافة أن أعصيه فيقذفني فيها.
1 / 25
وأخرج البيهقى في شعب الإيمان أنبأنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهانى أنبأنا أبو بكر أحمد بن سعيد بن فرضخ الأخميمى بمكة حدثنا الوليد بن حماد حدثنا أبو محمد عبد الله بن الفضل بن عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان الأنصاري حدثني أبى الفضل عن أبيه عاصم عن أبيه عمر عن قتادة بن النعمان قال: قال رسول الله ﷺ:) أنزل الله جبريل ﵇ في أحسن ما كان يأتينى في صورة فقال: إن الله يقرئك السلام يا محمد ويقول لك: إني قد أوحيت إلى الدنيا أن تمررى، وتكدرى، وتضيقى، وتشددى على أوليائى كي يحبوا لقائى، وتسهلى، وتوسعى، وتطيبى لأعدائى حتى يكرهوا لقائى، فإني قد خلقتها سجنا لأوليائى، وجنة لأعدائي (، قال البيهقى: لم نكتبه إلا بهذا الإسناد وفيهم مجاهيل.
وأخرج ابن عساكر عن واثلة بن الأسقع قال: أتى النبي ﷺ رجل من أهل اليمن أكشف، أحول، أوقص، أحنف، أصمخ، أعسر، أرسح، أفحج فقال: يار سول الله، أخبرنى بما فرض الله علىَّ، فلما أخبره قال: إنى أعاهد الله أن لا أزيد على فريضته قال: ولم ذاك؟ قال: لأنه خلقنى فشوه خلقى، ثم أدبر فأتاه جبريل فقا: يا محمد أين العاتب؟ إنه عاتب ربا كريما فأعتبه قال: قل له ألا يرضى أن يبعثه الله في صورة جبريل يوم القيامة؟ فقال له، فقال: بلى يا رسول الله، فإني أعاهد الله أن لا يقوى جسدى على شىء من مرضاة الله إلا عملته. فيه العلاء بن كثير قال البخاري: منكر الحديث.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله (إلاّ مَن
1 / 26
اِرتَضى مِن رَسولٍ فَغِنهُ يَسللُك من بينِ يَدِيهِ وَمِن خَلفِهِ رَصَدًا» الجن: ٢٧ (قال: ما نزل جبريل بشىء من الوحي إلا ومعه أربعة حفظة من الملائكة.
وأخرج الطبرانى بسند رجاله ثقات عن أم سلمة أن النبي ﷺ قال: إن في السماء ملكين أحدهما يأمر بالشدة، والآخر يأمر باللين، وكل مصيب: جبريل وميكائيل، ونبيان أحدهما يأمر باللين والآخر يأمر بالشدة وكل مصيب، وذكر إبراهيم ونوحا، ولي صاحبان أحدهما يأمر باللين والآخر بالشدة وكل مصيب وذكر أبا بكر وعمر (.
1 / 27
وأخرج الفريابى، وابن مردويه عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ (ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله» الزمر: ٦٨ (قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين استثنى ﷿؟ قال: جبريل، وميكائيل، وملك الموت، وإسرافيل، وحملة العرش، فإذا قبض الله أرواح الخلائق قال لملك الموت: من بقى؟ فيقول: سبحانك ربى تباركت وتعاليت ذا الجلال والإكرام بقى جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، وملك الموت، فيقول: خذ نفس إسرافيل، فيأخذ نفس إسرافيل فيقول الله لملك الموت: من بقى؟ فيقول: سبحانك تباركت ربى وتعاليت ذا الجلال والإكرام بقى جبريل، وميكائيل، ومن أهل الأرض: أبو بكر، وعمر (.
1 / 28