والدعوة الِإسلامية الأمينة على الِإسلام لا تساوم على شيء من أحكامه، ولكنها تحفظها كلَّها أداءً للأمانة، وإعذارًا لنفسها أمام الله ﵎.
ولا شك أن إنكار المنكرات المتعلقة بالنفس -مع فقدان المانع من تغييرها- من أيسر الأمور، فإذا تساهلنا في هذا مختارين، فكيف ننكر على غيرنا؟ وقد أخبرنا الله ﷿ أن مصدر الخيرية لهذه الأمة هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قال تعالى: ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله﴾ (١)، وأخبر أن من أسباب ضعف المجتمع تركَ التناهي عن المنكرات والأمر بالعروف، فقال تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ (٢)، وتَوَعَّدَنا رسولُ الله ﷺ أن يصيبنا ما أصابهم إذا فعلنا مثلَ فعلهم، وقد عاقب الله من ضَيَّع حظًّا من شريعته في قوله تعالى: ﴿فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ (٣)، ودلنا رسول الله ﷺ على المخرج من فتنة الافتراق بقوله: " فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثاتِ الأمور فإن كلَّ بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالة في النار " (٤).