يسر له من تجارة خديجة ﵂.
وقد بين ﵌ أن حقيقة الغنى غنى القلب فقال ﵌: «لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ». (رواه مسلم).
(الْعَرَض هُوَ مَا يُنْتَفَع بِهِ مِنْ مَتَاع الدُّنْيَا).
وعن أبي ذر ﵁ قال: قال رَسُولُ اللهِ ﵌: «يَا أبَا ذَرٍّ، أتَرَى كَثْرَةَ المَالِ هُوَ الغِنَى؟». قلتُ: «نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ».
قال: «فَتَرَى قِلَّةَ المَالِ هُوَ الفَقْر؟».قلت: «نَعَمْ يا رَسُولَ اللهِ».
قال: «إنما الغِنَى غِنَى القَلْبِ، والفَقْرُ فقْرُ القَلْبِ». (صحيح رواه ابن حبان).
وتلك حقيقة لا مرية فيها؛ فكم من غني عنده من المال ما يكفيه وولدَه، ولو عُمِّر ألف سنة؛ يخاطر بدينه وصحته، ويضحي بوقته يريد المزيد! وكم من فقير يرى أنه أغنى الناس؛ وهو لا يجد قوت غدِه! فالعلة في القلوب: رضًى وجزعًا، واتساعًا وضيقًا، وليست في الفقر والغنى.
ولأهمية غنى القلب في صلاح العبد قام عمر بن الخطاب ﵁ خطيبًا في الناس على المنبر يقول: «إن الطمع فقر، لأن اليأس غنى، وإن الإنسان إذا أيس من الشيء استغنى عنه».
وأوصى سعد بن أبي وقاص ﵁ ابنه فقال: «يا بني، إذا طلبت الغنى فاطلبه بالقناعة؛ فإنها مال لا ينفد».
رأيتُ القناعةَ رأسَ الغِنَى ... فصِرْتُ بأذيالِها ممتَسِكْ
فلا ذا يرانِي على بابِهِ ... ولا ذا يرانِي به منهَمِكْ
فصِرْتُ غنِيًّا بلا دِرْهَمٍ ... أمُرُّ علَى الناسِ شبهَ الملكْ
وسئل أبو حازم فقيل له: «ما مالك؟».
قال: «لي مالان لا أخشى معهما الفقر: الثقة بالله، واليأس مما في أيدي الناس».
وقيل لبعض الحكماء: «ما الغنى؟».قال: «قلة تمنِّيك، ورضاك بما يكفِيك».
1 / 266